Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 5-10)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يحادّون : يعصونه ويعادونه . كُبتوا : خذلوا وقهروا وأُذلوا . عذاب مهين : مذل . أحصاه الله : أحاط به وحفظه عنده . شهيد : مشاهد . ألم تَرَ : الم تعلم . النجوى : المناجاة سراً بين اثنين فأكثر . الذين نهوا عن النجوى : اليهود والمنافقون . لولا يعذّبُنا الله : هلا يعذبنا الله بسبب ذلك . حَسْبُهم جهنم : كافيهم جهنم يدخلونها . بعد ان بيّن الكتابُ شرعَ اللهِ وحدودَه أردف مشيراً إلى من يتجاوزها ، ووصفهم بالمخالفة والعداء وانه سَيَلحقُهم الخزيُ والنّكال في الدنيا كما لحق الذين من قبلهم من كفار الأمم الماضية ، ولهم في الآخرة العذابُ المهين في نار جهنم . وذلك يوم تُجمع الخلائقُ جميعاً للحساب والجزاء ويخبرهم الله بما عملوه بالتفصيل . { أَحْصَاهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ } . هو مسجل عند الله يجدونه مفصَّلا مع انهم نسوه ، { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } لا تخفى عليه خافية . ألم تعلم أيها الرسول أن الله تعالى يعلم ما في السماوات وما في الأرض ، فلا يتناجى ثلاثةٌ إلا واللهُ معهم ، ولا خمسةٌ إلا هو سادسُهم ، يعلم ما يقولون وما يدبّرون ، ولا أقلّ من ذلك ولا اكثر إلا هو معهم ، يعلم ما يتناجَون به اينما كانوا ، ثم يخبرهم يوم القيامة بكل ما عملوا { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . ألم تر أيها الرسول الى الذين نُهُوا عن النَّجوى فيما بينهم بما يثير الشكّ في نفوس المؤمنين ثم يعودون الى ما نُهوا عنه ، وهم يتحدثون فيما بينهم بما هو إثم ، وبما هو مؤذٍ للمؤمنين وما يضمرون من العداوة للرسول . { وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ } . كان أناسٌ من اليهود اذا دخلوا على الرسول الكريم يقولون : السامُ عليك يا أبا القاسم . فيقول لهم الرسول : وعليكم . ويقولون في أنفسهم : هلا يعذِّبنا الله بما نقول لو كان نبيا حقا ! فرد الله عليهم بقوله : { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } . وسبب التناجي المذكور أنه كان بين المسلمين واليهود معاهدة ، فكانوا إذا مر الرجلُ من المسلمين بجماعة منهم - يتحدثون سراً ويتناجَون بينهم حتى يظنَّ أنهم يتآمرون على قتله ، فيعدلَ عن المرور بهم . فنهاهُم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فلم ينتهوا ، وعادوا الى ما نهوا عنه . وكانوا إذا جاؤا النبيَّ حَيَّوه بالدعاء عليه في صورة التحية كما تقدم ، فنزلت هذه الآية . ثم أمر الله عباده المؤمنين ان لا يكونوا مثلَ اليهود المنافقين في التناجي بالإثم والعدوان ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ ٱلرَّسُولِ } . يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كاليهودِ والمنافقين في تناجِيكم بينكم ، فاذا حدث تناجٍ او مسارّة في اجتماعاتكم فلا تفعلوا مثل ما يفعلون . { وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } . تناجَوا أنتم بما هو خير ينفع المؤمنين ، واتقوا الله فيما تأتون وتذَرون ، فإليه تحشَرون فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم . ثم بين الباعثَ على هذه النجوى بالشر والمزَيِّن لها فقال : { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ … } . إنما الحديث بالسّر والتناجي المثير للشكّ - من وسوسةِ الشيطان وتزيينه ، ليدخلَ الحزنَ على قلوب المؤمنين ، لكنّ المؤمنين في حِصن من إيمانهم فلا يستطيع الشيطان ان يضرَّهم ، ولا تنالهم اية مضرّة إلا بمشيئة الله . { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } . في جميع أمورهم ، ولا يخافوا أحداً ما داموا محصّنين بالإيمان والاتكال على الله . وقد ورد في الاحاديث الصحيحة النهيُ عن التناجي إذا كان في ذلك أذىً لمؤمن . عن ابن مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناج اثنان دون الثالث إلا بإذنه ، فإن ذلك يُحزِنه " رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود . قراءات : قرأ حمزة وخلف وورش عن يعقوب : وينتجون بفتح الياء وسكون النون بلا الف ، والباقون : ويتناجون بالألف .