Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 4-6)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الآية : العلامة والعبرة والحجة ، ومن القرآن جملة او جُمل . الاعراض : التولي عن الشيء . الحق : دين الله الذي جاء به خاتم رسله . الإنباء : الإخبار الذي جاء به القرآن الكريم من وعد ووعيد القرن : القوم المقترنون في زمن واحد ، جمعُه قرون . مكّناهم في الارض : جعلناهم يتصرفون فيها . ارسلنا عليهم السماء مدرارا : امطرنا عليهم مطرا غزيرا . بعد أن أرشد سبحانه وتعالى في الآيات السالفة الى دلائل وحدانيته ، وذكَر انها على شدة وضوحها لم تنمع المشركين من أن يتجاهلون ذلك كله - جاءت هذه الآية تقرر أن لله آياتٍ يبعث بها أنبياءه إلى خلقه ، وهي آيات الشرائع والاحكام ، وآيات الخلق والاتقان . لكن الناس مع وضوح هذه الآيات تأخذهم فتنة الحياة ، فيُعرضون ويكذّبون . ثم توعّدهم ربهم على إعراضهم ذاك وأنذرهم عاقبة التكذيب بالحق ، ووجَّه أنظارهم الى ما حل بالأمم التي قبلهم لعلّم يرعوون . { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } . ولا تنزلُ عليهم آية من تلك الآيات الناطقة بتفصيل بدائع صنع الله إلا أعرضوا عنها استهزاءً وتكذيبا . ولما بيّن تعالى أن شأنهم الإعراضُ عن الآيات قال : { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ } اي أنه بسببٍ من ذلك الإِعراض عن النظر في الآيات كذّبوا بالحق الذي جاءهم به النبيّ عليه السلام ، ولم يتأملوا ما فيه . ثم هدّدهم وتوعدهم على تكذيبهم فقال : { فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } أي ان عاقبة التكذيب أن تحل بهم العقوبات العاجلة ، من نصر رسوله وأصحابه ، وإظهار دينه على الدين كله . وقد حقق ذلك ، وتم فتح مكة والنصر لدين الله . وبعد ان توعدهم سبحانه بنزول العذاب بهم بيّن أنّ مما جرت به سُنّته في المكذبين قبلهم ليتّعظوا فقال : { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ ؟ } ألم يَعْلموا أنّنا أهلَكْنا أُمماً كثيرةً قبلَهُم ، أعطَيْناهم مِن أسبابِ القُوّة والبقاءِ في الأرضِ ووسّعنا عليهم في الرزق والنعيم ما لم نُعْطِكم مثلَه ايها الكافرون . ولما لم يشكروا هذه النِعم ، أهلكناهم بسبب شركهم وكثرة ذنوبهم { وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } اي أوجدنا أناساً غيرهم خيراً منهم . وفي هذه الآية ردّ على كفار مكة وهدمٌ لغرورهم بقوتهم وثروتهم ، قبالة ضعف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفقرهم في ذلك الوقت . كما حكى الله عنهم في قوله : { وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [ سبأ : 35 ] .