Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 93-94)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الافتراء : اختلاف الكذب . غمرات : واحدها غمرة ، الشدة . اليوم : المراد به يوم القيامة عذاب الهون : الذل الهوان . فرادى : واحدهم فرد . خولناكم : اعطيناكم . وراء ظهوركم : لم تنتفعوا به . تقطّع بينكم : انقطع ما بينكم من صلات ضل : غاب . بعد ان بين سبحانه أن القرآن كتاب من عند الله ، وبذلك رد على الذين أنكروا إنزاله على محمد - قَفَّى هنا على ذلك بوعيد من كذَب على الله أو ادعى النبوة . { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ } . ليس امرؤ أشدّ ظُلماً ممن كذب على الله ، او قال تلقيّت وحياً من عند الله كذبا وبهتاناً ، كما فعل مسيلمة الكذّاب والأسوَد العنسي فيما بعد . { وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ } . كذلك ليس أحد اشدّ ظلماً ممن قال : سآتي بكلام مثل هذا القرآن . وكان النضر ابن حارث بن كلدة ، أحد كفار قريش ، يقول : ان القرآن أساطير الاولين ، وهو شعر لو نشاء لقلنا مثله . كما كان يجمع الناس بمكة ويقول لهم : تعالوا : أحدّثكم بأحسن من حديث محمد . وقد أُسر النضر يوم بدرٍ وقُتل بعد ان انتهت المعركة ، وجاءت أخته قتيلة ، ويقال إنها بنته الى النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة ترثي أخاها وتعاتب الرسول الكريم منها : @ يا راكباً ان الأُثَيْل مظنة من صبح خامسة وانت موفق أمحمدٌ يا خير ضِنْءِ كريمةِ في قومها والفحلُ فحل مُعْرِق ما كان ضرَّك لو مننتَ وربما منّ الفتى وهو المَغيظُ المحنّق @@ الأثيل : بالتصغير موضع قرب المدينة . ضنء : نسل . قال ابن هشام في السيرة : ان النبي عليه السلام عند سماعها " قال : لو بلغَني هذا الشعر قبل قتله لمننتُ عليه " . { وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ } . الخطاب للرسول الكريم ، ثم لكل من سمعه أو قرأه . ومعناه : لو تُبصر إذ يكون الظالمون في شدائد الموت ، تحيط بهم كما تحيط غمرات الماء بالغرقى - لرأيتَ ما لا قدرة للبيان على وصفه . اذنْ لرأيتَ الملائكة ينزعون ارواحهم من اجسادهم في قسوة وعنف . ثم حكى سبحانه أمر الملائكة لهم على سبيل التهكّم والتوبيخ حين بسطوا أيديهم لقبض أرواحهم " اَخرِجُوا أنفُسَكُم " . { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } . يؤمئذ يقال لهم : الآن تبدأ مجازاتكم بالعذاب المذلّ المهين ، جزاء ما كنتم تقولون على الله غير الحق ( كقول بعضهم : ما أنزل الله على بشر من شيء ، وقول بعض آخر : إنه أوحي اليه ، وما أشبهَ ذلك من الكفر والعناد ) ، وجزاء استكباركم عن النظر والتدبر في آيات الله الكونية والقرآنية . ثم ذكر الله تعالى ما يقوله لهم الله يوم القيامة بعد ذكر ما تقول لهم ملائكته فقال : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ … } . لقد تأكدتم الآن أنكم بُعثتم أحياء من قبوركم ، كما خلقناكم اول مرة ، وجئتم إلينا منفردين عن المال والولد ، تاركين وراءكم في الدنيا كل شيء كنتم تغترّون به . اننا لا نرى معكم اليوم أولئك الشفعاء الذين زعمتم انهم ينصرونكم عند الله ، لأنهم شركاء له في العبادة … لقد تقطّعتْ بينكم وبينهم كل الروابط ، وخابت آمالكم في كل ما زعمتم ، فلا فداء ولا شفاعة ، ولا يغني عنكم من عذاب الله من شيء .