Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 19-37)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هاؤم : خذوا . ظننتُ : علمت ، أيقنت . راضية : يرضى بها صاحبها . عالية : في القدر والمكان . قطوفها : جمع قِطف بكسر القاف ، ما يقطف من الثمر . دانية : قريبة سهلة التناول . هنيئا : يعني كلوا واشربوا سائغا بلا تنغيص ولا كدر . أسلفتم : قدمتم . الأيام الخالية : الايام الماضية في الدنيا . يا ليتها كانت القاضية : على حياته فيرتاح ولم يُبعث . ما أغنَى عني ماليه : لم يغن عني مالي الذي جمعته في الدنيا شيئا . هلكَ عني سُلْطَانِيَهْ : ذهب عني كل ما املك من قوة ومال وصحة . غُلّوه : شدوه بالقيود ، والغلّ هو القيد الذي يجمع بين اليدين والعنق . صَلّوه : ألقوه في النار حتى يصلاها . ذرعُها : طولها . فاسلكوه : فاجعلوه في هذه السلسلة الطويلة . حميم : قريب او صديق . غِسلين : صديد اهل النار . بعد ان قدّم وصفاً رهيباً ليوم القيامة ، وكيف تزول الأرضُ والجبال عن مواقعها وتُدكّ وتنشقّ السماء ، وتقفُ الملائكة على جوانبها ، ويوضع العرشُ ، ويُفتح حسابُ البشر وفي ذلك اليوم لا يخفى على الله شيء - بعد هذا كله أتى بذِكر صورتين متقابلتين من أحوالِ البشَر ، وهم : السعداءُ أصحاب اليمين ، والأشقياءُ أصحاب الشمال . فأما السعداء فإنهم يتلقَّون كتابَهم بأيمانهم ، ويغدُون مسرورين فرحين ، يعرِضون كُتبَهم على الناس ليقرأوها . وكل واحدٍ منهم يقول : إني علمت أن ربّي سيحاسبني حسابا يسيرا ، { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } مرضيّة خاليةٍ مما يكدِّر ، { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } وهي جنة الخلد ذاتُ المكان الرفيع والثمارِ المختلفة التي يسهُل تناولها . وكلهم في نعيمٍ وحبور ويقول لهم ربهم : { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } … كُلوا من ثمار جنةِ الخلد هنيئاً ، واشربوا من شرابها مريئا ، وذلك كلّه جزاءَ ما قدّمتم من الأعمال الصالحة في أيام الدنيا الماضية . واما الأشقياء ، وهم الذين كذّبوا الرسلَ ، ولم يؤمنوا بالله ولا البعث والحساب - فإن الواحدَ منهم حين ينظر في صحيفة أعماله بعد أن تلقّاها بشماله - ينفر منها ويقول : { يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ } . يا ليتني لم أتلقّ كتابي ، ولم أعلم أي شيء عن حسابي ، ويا ليتَ الموتةَ التي مِتُّها كانت نهايةَ الحياة ، لم أُبعث بعدَها ولم ألقَ ما أنا فيه من عذابٍ وسوء منقلَب . { مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } . لم ينفعني مالي وما جمعتُ في الدنيا ، وذهَب عنّي كلُّ عزٍّ وجاهٍ وصحة وقوة … ذهبَ ذلك كلُّه وبقيَ العذابُ والوبال . وعندها يقال لزبانية جهنم : { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } . خذوه وأدخِلوه في النار مقيَّدا ، في سلسلة طولها سبعون ذراعا لُفُّوها على جسمه حتى لا يستطيعَ حَراكا . وليس المرادُ أن طولَها كذلك ، ولكن القصدَ إهانته وبيانُ هول العذاب . فقد كان لا يؤمن بالله العظيم ، وكان بخيلاً ممسِكاً لا يُطعِم الفقراء والمساكين ولا يحثّ الناسَ على إطعامهم . لذلك : { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } ليس له صديقٌ ولا قريب يدفع عنه في هذا اليوم . وطعامُه من صديدِ اهل النار ، الذي لا يأكله الا الخاطئون المذنبون أمثاله ممن أصرّوا على الكفر والجحود وماتوا عليه .