Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 168-171)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قطعناهم : فرقناهم . امما : جماعات . دون ذلك : منحطون عنهم . بلوناهم : امتحناهم . خلْف بسكون اللام : نسل شرير . الكتاب : التوراة . العرض بفتح الراء : متاع الدنيا وحطامها . الادنى : الدنيا . نتقنا الجبل : رفعناه وابرزناه فوقهم . الظُّلَّة : كل ما يظلل الناس . تأتي بقية الآيات المدنية الواردة هنا تكملةً لقصة بين اسرائيل بعد موسى ، إذ تفرّق اليهود في الأرض جماعاتٍ مختلفة المذاهب ، مختلفة المشارب والمسالك ، فكان منهم الصالحون وكان منهم دون ذلك ، وظلت العناية الإلهية تواليهم بالابتلاءات تارة ، وبالنعماء أخرى ، علّهم يرجعون الى ربهم ويستقيمون . وقد فصّل سبحانه عقابهم فذكر بدء إذلالهم بإزالة وحدتهم وتمزيق جمعهم فقال : { وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً … } . وقد فرّقناهم في الأرض جماعات وجعلنا كل فرقة منهم في قطر ، منهم الصالحون وهم الذين آمنوا واستقاموا ، ومنهم اناس منحطُّون عن الاتصاف بالصلاح . لقد اختبرناهم جميعا بالنعم والنقم ليتوبوا عما نهوا عنه . فجاء من بعد الّذين ذكرناهم خَلْفُ سوءٍ ورِثوا التوراةَ من أسلافهم ، لكنهم لم يعملوا بها ، ولم تتأثّر قلوبهم ولا سلوكهم ، وكلما رأَوا عَرَضاً من أعراض الدنيا تهافتوا عليه ثم تأولوا وقالوا : " سيُغفرُ لنا " ، فهم مصرون على الذنْب مع طلب المغفرة . ثم وبَّخهم الله على طلبهم المغفرةَ مع إصرارهم على ما هو عليه فقال : إنّا انفَذْنا عليهم العهدَ في التوراة - وقد درسوا ما فيها - أن يقولوا الحق ، فقالوا الباطل … لم يعقِلوا بعدُ ان نعيم الدار الآخرة الدائم خير من متاع الدنيا الفاني ، فقل لهم يا محمد : من العجب ان تستمروا على عصيانكم ، افلا تعقلون ان ذلك النعيم خير لكم ! ؟ وفي هذه إيماء الى ان الطمع في متاع الدنيا هو الذي افسد على بني إسرائيل امرهم . وفيه عبرة للمسلمين الذي سرى إليهم كثير من الفساد ، وغلب عليهم حبُّ الدنيا وعرضها الزائل ، والقرآن الكريم بين أيديهم لكنهم لا يعملون به بل هم عنه غافلون . { وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَابِ … } . والذين يتمسّكون بالتوراة وأقاموا الصلاة المفروضة عليهم ، ويعتصمون بحبله في جميع شئونهم - لن يضيع اجرهم عند الله ، لأنهم قد اصحلوا اعمالهم . ثم ختم الله هذه القصة مذكِّراً بِبَدء حالهم في إنزال الكتاب عليهم عقب بيان مخالفتهم لأمور دينهم حتى بعد أَنْ أخذ الله عليهم الميثاق . وقد ردّ عليهم في قولهم : إن بين اسرائيل لم تصدر منهم مخالفة في الحق ، فقال جلّ وعلا : { وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ … } . اذكر لهم أيها النبيّ حين رفعنا الجبل فوق رؤوسهم كأنه غمامة ، يؤمئذٍ فزِعوا مما رأوا ، إذ ظنوا ان الجبل واقع عليهم ، فقلنا لهم : خذوا ما أعطيناكم من هدى التوراة بجد وعزم على الطاعة ، وتذكّروا ما فيه لعلّكم تعتبرون وتتهذب نفوسكم بالتقوى . لكن اليهود هم اليهود ، فقد نقضوا العهد ، ونسوا الله ، ولجّوا في العصيان حتى استحقوا غضب الله ولعنته ، وحقَّ عليهم القول .