Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 172-174)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الظهور : جمع ظهر وهو معروف . الذرية : سلالة الانسان من ذكور واناث . بيّن الله هنا هداية بين آدم بنصْب الأدلّة في الكائنات ، بعد ان بينها عن طريق الرسل والكتب ، فقال : واذكر ايها النبيّ للناس حين أخرج ربُّك من أصلاب بني آدم ما يتوالدون قرنا بعد قرن ، ثم نصب لهم دلائل روبيّته في الموجودات ، وركّز فيهم عقولاً وبصائر يتمكّنون بها من معرفتها ، والاستدلال بها على التوحيد والربوبية ، فقال لهم : ألستُ بربكم ؟ فقالوا : بلى انت ربنا شهِدنا بذلك على أنفِسنا . وإنما فعل الله هذا لئلا يقولوا يوم القيامة : إنّا كمنّا عن هذا التوحيد غافلين . وقد اكثرَ المفسرون الكلام في تفسير هذه الآية وأوردوا عدداً من الاحاديث والأقوال ، لكنه من الصعب الوثوق بها ، كما أنها غير صحيحة الإسناد . وأحسنُ ما يقال : إن هذه الآية تعرِض قضية الفطرة في صورة مشهدٍ تمثيلي على طريقة القرآن الكريم . وإن مشهدَ الذرية المستكنّة في ظهور بني آدم قبل ان تظهر الى العالم المشهود لمشهدٌ فريد حتى في عالَم الغيب . وهذه الذرية هي التي يسألها الخالق المربي : ألستُ بربكم ، فتعترف له بالربوبية وتقرّ له بالعبودية . أما كيف كان هذا المشهد ؟ وكيف أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدَهم على أنفسهم ، وكيف خاطبهم - فكل هذه الأمور من المغيَّبات التي تخالف حياتنا الدنيا . وأقربُ تفسير لأفهامنا ان هذا العهد الذي اخذه الله على ذرية بني آدم هو عهد الفطرة ، فقد انشأهم مفطورين على الاعتراف له بالربوبية وحده ، كما جاء في الحديث الصحيح عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مولود إلا يولَد على الفطرة فأبواه يهوّدانه او ينصرّانه او يمجّسِانه " اخرجه البخاري ومسلم . وفي سورة [ الروم الآية : 30 ] { فِطْرَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ } { أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا } . او تقولوا إنما أشرَك آباؤنا من قبلنا . ولقد خرجنا إلى هذا الوجود فوجدنا آباءنا على دينِ فاتّبعنهم ، فهل تؤاخذنا يا ربّ بما فعل السابقون من آبائنا ، فتجعل عذابنا كعذابهم فلا حجّة لكم أبدا . { وَكَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } . يرجعون الى فطرتهم وعهِدها مع الله ، فاللهُ لا يقبل الاعتذار من أي إنسان بانه يقلّد آباءه واجداده ، وقد بين له الرسل الكرام الطريق الى الهدى .