Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 178-181)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذرأنا : خلقنا . الجن : خلاف الانس . الفقه : العلم بالشيء والفهم به . ويرد في القرآن الكريم بمعنى دقة الفهم والتعمق في العلم . بعد ان أمر الله تعالى نبيه الكريم ان يقصّ خبر ذلك ضلّ على علم منه ، يقصَّه الى اولئك الضالين لعلهم يهتدون ويتركون ما هم عليه من الاخلاد الى الضلالة ، والكفر - بيّن هنا ان اسباب الهدى والضلال ينتهيان للمستعدّ لأحدهما الى احدى الغايتين بتقدير الله والسيرِ على سنّته في استعمال مواهبه الفطرية ، وان الهدى هدى الله . فمن يوفقه الله لسلوك سبيل الحق فهو المهتدي حقا ، الفائز بسعادة الدارين ؛ ومن يُحرم من هذا التوفيق بفعل سيطرة هواه فهو الضال خسِر سعادة الدنيا وسعادة الآخرة . ثم فصّل سبحانه ما أجملَه في الآية السالفة مع بيان سببه فقال : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ … } . ولقد خلقْنا كثيراً من الجن والانس مآلهم النار يوم القيامة . وتتساءل لماذا ؟ فتأتي الإجابة : لأن لهم قلوباً لا يَنفُذون بها الى الحق ، وأَعيُناً لاينظرون بها دلائل القدرة ، وآذاناً لا يسمعون بها الآيات والمواعظ سماعَ تدبُّرٍ واتعاظ ، أفليس اصحاب هذه الصفات كالبهائم ، ما داموا لم ينتفعوا بما وهبهم الله من عقول للتدبر ، بل الحقّ إنهم اضل منها ، فالبهائم تسعى الى ما ينفعها ، وتهرب مما يضرها ، وهؤلاء لا يدركون ذلك ، فيظلون غافلين عما فيه صلاحهم في الدارين . ثم بعد ذلك ذكرت الآيات الدواء لتلك الغفلة والوسائل التي تخرج الى ضدها وهي ذِكْر الله ودعاؤه في السرّ والعلَن في جميع الاوقات . ولله دون غيره الأسماءُ الدالة على أكمل الصّفات فاذكروه بها ، دعاءً ونداءً وتسمية ، واتركوا جميع الذين يلحدون في اسمائه فيما لا يليق بذاته العلّيةِ ، لأنهم سيلقَون جزاءَ علمهم ، وتحلُّ بهم العقوبة . وللذِكر فوائد ، منها : تغذية الإيمان ، ومراقبة الله تعالى والخشوع له والرغبة فيما عنده ، ونسيان آلام الدنيا . وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث على الدعاء والالتجاء الى الله ، منها الحديث الصحيح : " من نزل به غَم او كربٌ ، أو أمرٌ مهم فليقل : لا إله الا الله العظيم الحليم ، لا إله الا الله ربّ العرش العظيم ، لا إله الا الله ربّ السماوات والأرض ورب العرش الكريم " رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي . وروى الحاكم في ( المستدرك ) عن أَنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها : " ما يمنعكِ أن تسمعي ما أُوصيكِ به ؟ ان تقولي إذا أصبحتِ واذا أمسيتِ : يا حيّ يا قيّوم ، برحمتِكَ أَسغيث ، أصلحْ لي شأني ، ولا تكِلْني إلى نفسي طرفة عين " . ثم بيّن تعالى وصْف أُمة الإجابة ، وهي الامة الاسلامية ، الذين أجابوا وأطاعوا وهدوا بالحق وبه يَعدِلون . وممن خلَقْنا للجنة طائفةٌ يدعون غيرهم للحق بسبب حُبِّهم له ، ويدلّون الناس على الاستقامة ، وبالحق يحكمون . أخرج ابنُ جَرير وابن المنذِر وابو الشيخ عن ابن جُريج قال : ذَكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هذه أمتي ، بالحق يحكُمون ويقضون ويأخذون ويعطون " . فهذه الأمة الثابتة على الحق ، هي الحارسة لأمانة الله في الأرض ، الشاهدة بعهده على الناس . وفي الحديث الصحيح : " لا تزال طائفةٌ من أمّتي ظاهرين على الحق " .