Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 182-186)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سنستدرجهم : سنأخذهم درجة بعد درجة ، اي شيئا فشيئاً الى العذاب . أُملي لهم : امهلهم . الكيد ، كالمكر : هو التدبير الخفي . الجِنة : ما يصيب الانسان من صرع وغيره من الجنون . الملكوت : الملك العظيم . فبأي حديث بعده يؤمنون : الحديث هنا القرآن الكريم . الطغيان : تجاوز الحد في الباطل والشر . العمَة : التردد والحيرة بحيث لايدري اين يتوجه . والّذين كذّبوا بآيات الله سندعهم يسترسلون في غيّهم وضلالهم حتى يصلوا أقصى غاياتهم ، وذلك بإدرار النعم عليهم ، ومع انهماكم في الغي ، حتى يفاجئهم الهلاك وهم غافلون . إنني أُمهل هؤلاء المكذّبين وسأمد لهم في الحياة بدون اهمال ، لكن أخْذي لهم سيكون شديدا ، بقدر سيئاتهم الّتي كثُرت بتماديهم فيها ، وفي الحدث الصحيح : " ان الله لَيملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلته " رواه البخاري ومسلم عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه . { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } . كان زعماء قريش يقولون للناس : إن محمداً مجنون . فردّ الله عليهم بقوله : او لم يتفكروا في حاله من بدءِ نشأته ! إنهم يعرفونه حقا . أما كان اسمه الامين ! وهم يعرفون حقيقة دعوته ايضاً ، انه سليم العقل ، لا جنون به ، بل هو منذر لهم ، ناصح ومبلّغ عن الله رسالتَه الى الناس كافة . ولو تأمل مشركو مكة في نشأته صلى الله عليه وسلم وما عُرف عنه من الامانة والاستقامة والصدق لما نزعوا الى هذه الفِرية على رجلٍ عرفوه ، ولأدركوا أن ما يأتي به من عند ربه لن يصدر عن مجنون . لقد كذّبوا محمداً فيما يدعوهم اليه من التوحيد ، ولم يتأملوا في هذا الملكوت العظيم من السماوات والأرَضِين وما فيها ، مما يدل على قدرة الصانع ووحدانيته . كذلك لم يفكروا في انه قد اقترب أجلُهم ، فيسارعوا الى طلب الحق قبل مفاجأة الاجل . والحقّ أنهم اذا لم يؤمنوا بالقرآن فباي حديث بعده يؤمنون ! ! ثم يعقب تعالى بتقرير سنّته الجارية بالهدى والضلال ، وفق ما ارادته مشيئته : هداية من يطلب الهدى ويجاهد فيه ، واضلال من يصرف قلبه عنه فيقول : { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } … وتفسير ذلك : إن من يكتب الله عليه الضلال لسوء اخياره هو يظل في بُعدِهِ عن الحق وعماه عنه ، وحيرته بحيث لا يدري أين يتوجه . وليس في هذا الإهمال ظُلم لأنه جاء بعد البيان والتحذير .