Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 103-106)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الصدقة : ما ينفقه المؤمن قربة لله . تطهرهم : تمحو ذنوبهم . وتزكّيهم : تصلحهم وترفعهم الى منازل الابرار . ان صلاتك سكن لهم : ان دعائك لهم يدخل الاطمئنان والراحة الى نفوسهم . وآخرون مرجون : مؤخرون لأمر الله . والطبقة الرابعة ستأتي في الآية ( 106 ) { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } . خذْ أيها الرسول من أموال هؤلاء التائبين صدقاتٍ تطرهّهم بها من الذنوب والشُّح ، وترفع درجاتِهم عند الله ، وادعُ لهم بالخير والهداية … فإن دعاءك تطمئنّ به قلوبُهم ، والله سميح للداء عليمٌ بالمخلصين في توبتهم . روى ابنُ جرير عن ابن عباس قال : " لما أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لُبابة وصاحبَيْه انطلق ابو لبابة وصاحباه بأموالهم الى الرسول الكريم ، وقالوا : خذ من أموالنا فتصدَّقْ بها عنا وصلِّ علينا ( يعني استغفر لنا وطهرنا ) فقال رسول الله : لا آخذُ منها شيئاً حتى يأتيَنا أمرُ الله ، فأنزل الله تعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً … } " الآية فأخذ . قراءات : قرأ حمزة والكسائي وحفص : " ان صلاتك " وقرأ الباقون : " ان صلواتك " بالجمع . { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } . أَلا فلْيعلم هؤلاء التائبون أن الله هو الذي يقبل التوبةَ الخالصة من عباده ، وهو الذي يأخذُ الصدقة ، وأنه سبحانه هو الواسعُ الفضلِ في قبول التوبة ، ذو الرحمة الشاملة لعباده . وبابُ التوبة مفتوح دائما ، روى الترمذي : ما أصَرَّ من استغفرَ ، وإن عادّ في اليوم سبعين مرة . وفي موضع الصدقات ، روى الشيخان عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما تصدّق أحدُكم بصدقةٍ من كسبٍ حلال طيب ، ولا يقبل الله الا الطّيب ، إلا أخَذَها الرحمن بيَمينه وإن كانت تَمْرة ، فَتَربُو في كفّ الرحمن حتى تكون أعظمَ من الجبل ، كما يُربي أحدُكم فِلْوَه أو فَصِيله " فالصدقة مقبولة مهما كان حجمها . وفي الحديث ايضا " تصدَّقوا ولو بِشِقّ تمرة " والفِلْو ، المُهر يُفصَل عن الفَرَس . ثم يتوجّه الكلام بالخطاب إلى جميع المكلَّفين أن يعملوا ، لأن الإسلامَ منحَهُم حياةً واقعية ، لا تكفي فيها المشاعر والنوايا ، ما لم تتحوّل الى حركةٍ وعمل دائم . { وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } . قل لهم ايها الرسول : اعملوا لِدُنياكم وآخرِتكم ولا تقصّروا في عمل الخير وأداء الواجب . إن ربّكم يعلم كل أعمالكم ، وسيراها هو والرسول والمؤمنون ، فيزِنونها بميزان الإيمان ويشهدون بمقتضاها . ثم ترجعون بعد الموتِ الى الله الذي يعمل سِركم وجهركم ، فيجازيكم بأعمالكم . والمنهج الإسلامي في حقيقته منهج عقيدةٍ وعمل . ثم جاء ذكر الطبقة الرابعة التي لم يبتَّ في أمرها ، بل وكَلَ امرها الى الله . { وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ ٱللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } . هؤلاء هم القسم الأخير من المتخلفين عن غزوة تبوك ، غير المنافقين والمعتذرين والمخطئين التائبين . وقد تأخر البتُّ في أمرهم ، وكان أمرُهم موكولاً الى الله ، لم يعلموه ، ولم يعلمْه الناس . قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة : هم الثلاثة الذين خُلّفوا وهم : مرارة بن الربيع ، وكعب بن مالك وهلال بن أميّة ، قعدوا عن غزوة تبوك كسلاً وميلاً الى الدّعة والتمتع بطيب الثمار ، لا شكاَّ ولا نفاقا . وسيأتي ذكرهم في الآية ( 118 ) . فهؤلاء مرجَأون لأمرِ الله : إما أن يعذّبَهم ، واما ان يتوبَ علهيم ويغفرَ لهم . قراءات : قرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص " مُرْجَون " كما في المصحف ، وقرأ الباقون " مرجأون " وهذا في اللغة جائز يقال أرجأت الأمر وأرجيته .