Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 16-18)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الوليجة : بطانة الرجل ، وخاصته . المسجد : مكان السجود ، ثم صار اسماً للبيت الذي يخصص لعبادة الله . ان يعمروا : يتعبدون فيه ، وتطلق على العمارة والبناء والخدمة . { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ … } . أظننتم ان تُتركوا وشأنكم بغير فتنةٍ ولا امتحان ، ولم يتبيّن الخلَّصُ المجاهدون منكم الذين لم يتخذوا لأنفُسِهم بطانةً من المشركين ، من المنافقين الذين يُتقنون استخدام الأعذار ، ويدورون من خلف الجماعة ليُطْلعوا الأعداءَ على الاسرار ! لا تظنّوا أيها المؤمنون ان يترككم الله تعالى دون اختبار لكم بالجِهاد ونحوه ، ليَظهَرَ المحسنُ منكم من المسيء ، وتُعرَفَ المداخل ، ويعرف الناسُ كلا الفريقين على حقيقته . { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } لا يخفى عليه شيء من أمركم ، فهو محيط بكل شيء علما . { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ } . بعد ان فتح المسلمون مكة ، وطهر الرسول المسجدَ الحرام مما كان فيه من الأصنام ، بقي ان يطهره من العبادات الباطلة التي كان المشركون يقيمونها فيه . فأرسل عليّ بن أبي طالب وأمره ان يتلو على مسامع الحجيج أوائل سورة التوبة يومَ الحجّ الأكبر الى مكة . وكان مما تضمنه هذا البلاغ العام ان يعلم اهل مكة المشركون ان عبادتهم الباطلة ستمنع من المسجد الحرام ، بعد ذلك العام . وقد نادى عليُّ ومن معه في يوم النحر بِمِنى : لا يحجّ بعد هذا العام مشرِك ولا يطوف بالبيت عُريان . لا يحق للمشركين ان يعمروا مساجدَ الله بالعبادة ، او الخدمة والوَلاية ، ولا ان يزوروها حجّاجا أو متعمِرين ، ما داموا مستمرّين على كفرهم . وليس بعد الآن تردد في حرمانهم من زيارة البيت الحرام او عمارته ، انما تكون عمارته بالعبادة الصحيحة حقاً خالصاً للمؤمنين بالله ، القائمين بفرائضه . { أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَالِدُونَ } . اولئك المشركون لا اعتداد بأعمالهم ، ولا ثوابَ لهم عليها ، وهم مقيمون في دار العذاب إقامة خلودٍ وبقاء ، لكفرهم ، وصدهم عن سبيل الله . { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاَةَ وَآتَىٰ ٱلزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ } . ان المستحقين لعمارة المساجد هم الجامعون بين الإيمان بالله وحده والايمان باليوم الآخر ، الّذين أدّوا الصلاة على وجهها ، وأخرجوا الزكاة ، ولم يخشوا الا الله وحده . { فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } . اولئك الذين آمنوا ايمانا خالصا ، وجمعوا بين الاركان الهامة من اركان الاسلام هم الذين يرجون ان يكونوا من المهتدين الى ما يحب الله ويرضيه . فالعبادة تعبير عن العقيدة ، فاذا لم تصحّ العقيدة لم تصح العبادة . اما اداء الشعائر وعمارة المساجد فليست بشيء ما لم تَعمُر القلوب بالاعتقاد الصحيح ، والعمل الواقع الصريح .