Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 44-48)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
العدة : الأهبة والاستعداد . انبعاثهم : خروجهم . فثبطهم : أوهن عزمهم وعوّقهم . الخبال : الاضطراب في الرأي . لأوضعوا خلالكم : لاسرعوا بينكم . يبغونكم الفتنة : يريدن لكم التشكيك في الدين والتخويف من الاعداء . وقلبوا لك الامور : دبروا لك المكايد من كل وجه . كانت هذه الآيات أول ما نزلَ من القرآن في التفرقة بين المنافقين والمؤمنين في القتال ، وقد رويَ عن ابن عباس انه قال : لم يكنْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعرف المنافقين حتى نزلت سورة براءة . والمراد انه لم يكن يعرفهم كلَّهم ويعرف شئونَهم بهذا التفصيل حتى نزلت ، ولذلك كان من أسمائها " الفاضحة " ، لأنها فَضَحت احوال المنافقين . لا يتسأذنك الّذين يؤمنون باللهِ واليوم الآخر أن يجاهِدوا بأموالهم وأنفسِهم في سبيل الله ، فالمؤمنُ الصادقُ الإيمان يجيب داعيَ الله ورسولهِ حالا ، ولا يستأذن في الجهاد ، لأن صِدق إيمان هؤلاء يحّبب إليهم الجهاد في سبيل الله ، كما قال تعالى : { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } [ الحجرات : 15 ] . { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } . والله يعلم صدق نيات المؤمنين المتقين . { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } . انا يستأذنك في التخلّف عن الجهاد من غير عذرٍ أولئك الذين لا يؤمنون إيمانا صادقا بالله ولا بالحسابِ في اليوم الآخر ، فهؤلاء قد ارتابت قلوبُهم فهم يعيشون في حَيرةٍ من أمرهم ، ويعتذرون بالمعاذير الكاذبة هرباً من القيام بالواجب . { وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ } . لو صدقتْ نيّة المنافقين في الخروج مع الرسول للجهاد ، لأخذوا أهبةَ الحرب واستعدوا لها ، وقد كانوا مستطيعين ذلك ، لكنّ الله كَرِةَ خروجَهم ، لِعلْمه أنهم لو خَرجوا معكُم لكانوا عليكم لا لكم ، فعوَّقهم الله عن الخروج بما امتلأت به قلوبهم من النفاق ، وقيلَ لهم اقعُدوا مع القاعدين ، من الاطفال والعجزة . هذا مكانكم اللائق بكم ، لما لكم من الهمم الساقطة ، والقلوب المرتابة . { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } . بعد ان بين الله ان استئذانهم في التخلف عن القتال انما كان سَتراً لنفاقهم ، زاد في البيان هنا بيان المفاسد التي كانت تنجم من خروجهم ، وهي افساد النظام والاضطراب في الرأي ، وتفريق الكلمة بالسعي بين المسلمين بالنميمة ، وبخاصة ان هناك اناساً من ضعفاء الايمان يسمعون لهم ما يقولون ، ويقبلون قولهم . ولو خرجوا معكم الى الجهاد ما زادوكم قوة ومنعة بل اضطراباً في الرأي وضعفا في القتال ، ولاسرعوا في الدخول فيما بينكم ليُشيعوا الفتنة فيكم ، ويفرقوا كلمتكم وتثبيط هممكم ، وفيكم ناس بسطاءمن ضعفاء الايمان ممن يجهلون خبث نياتهم ، ويمكن ان يُخدَعوا بكلامهم ، والله عليم بهؤلاء المنافقين الذين يظلمون انفسهم بما اضمروه من الفساد . { لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ } . ولقد سبق ان سعى هؤلاء المنافقون بالفتنة فيما بينكم ، ودبروا لك - ايها الرسول - المكايد من كل الوجوه ، فأحبط الله تدبيرهم ، وحقق لك النصر المبين ، وظهر أمرالله ، فاظهر دينه على الرغم منهم .