Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 49-52)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه الآيات سيقت لبيان اقوالٍ قالها المنافقون ، بعضُها قِيلتْ جهراً ، وبعضها أكنُّوه في انفسهم . { وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } . من المنافقين أُناس يستأذنونك في التخلّف عن القتال حتى لا يفتَتِنوا بنساء الروم . روي عن مجاهد وابن عباس " انها نزلت في الجدّ بن قيس من بين سَلِمة ، وكان من أشراف بين سلمة ، فقد قال للرسول الكريم : أئذنْ لي يا رسولَ الله في القعود ، فإن أخشى على نفسي إنْ أنا رأيتُ نساء بني الأصفر ( يعني الروم ) ، أن أفتتنِ . فقال الرسول وهو معرِضٌ عنه : قد أذنتُ لك " . { أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } . فليْعلموا أنهم بمقالتهم هذه قَد سَقطوا وأوقعوا أنفسَهم في معصية الله . { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } . وان نار جهنم لمحيطةٌ بهم في اليوم الآخر . روى يعقوب بن سفيان في تاريخه وابو الشيخ في الأمثال : " ان رسول الله قال لبني سَلِمة من الانصار : من سيِّدُكم يا بني سلمة ؟ قالوا : الجدّ بن قيس ، على بخلٍ فيه . فقال رسول الله : وأيُّ داءٍ أدْوَأُ من البُخل ؟ ولكن سيّدكم الفتى الجَعْدُ الأبيض ، بِشرُ بن البُراء ابن معرور " . وفي الفائق في غريب الحديث للزمخشري : " بلى سيدكم عمرو بن الجموح " والجعد الكريم الجواد . واذا قيل جعد اليدين وجهد البنان فمعناه : البخيل اللئيم . ثم بين الله تعالى عداوةَ المنافقين ، زيادةً في تشهيرِ مساوئهم بقوله : { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ } . ان هؤلاء المنافقين لا يريدون لك أيها الرسول ولأصحابك الا المكارِه ، فيتألّمون إذا نالكم خيرٌ من نصرٍ أو غنيمة . { وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ } . ويفرحون إذا أصابكم مكروه من جِراح او قتل او هزيمة ، ويقولون شامتين : قد أخذْنا حِذْرَنا بالقعود ، إذ تخلّفنا عن القتال ولم نُلقِ بأيدينا الى الهلاك . ثم ينصرفون مسرورين . روى ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال : جَعل المنافقون الذين تخلّفوا في المدينة عن غزوة تبوك يُشيعون أخبارَ السُّوء عن النبي وأصحابه ، ويقولون إنهم جَهِدوا في سفرهم وهلكوا ، فتبيَّنَ بعد ذلك كِذْبُهم وسلامةُ النبيّ واصحابه فساءهم ذلك ، فأنزل الله تعالى : { إِن تُصِبْك … } الآية . ثم أرشد الله تعالى الى جوبهم بُبطلان ما بَنَوْا عليه مسرَّتَهم بقوله : { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا } . قل ايها الرسول لأولئك المنافقين الذين فرِحوا بمُصابِك وساءتْهُم نعموُ الله عليك : لن ينالَنا في دنيانا من الخير او الشرّ إلى ما قدّره الله علينا ، فنحن راضون بقضائه . { هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } . هو ناصُرنا ومتولِّي أُمورِنا ، ونحن نلجأُ إليه ونتوكل عليه ، وعليه وحده يعتمد المؤمنون الصادقون . فالمسلم الصادق يبذل جهده ويظلّ متوكلا على الله . { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } . إن أمْرَ المؤمنِ كلّه خيرٌ ، سواء نالَ النصرَ او الشهادة ، أما الكافر فأمْرُه كله شَرّ ، سواء أصابه عذابُ الله المباشر او على أيدي المؤمنين . قل لهم أيها الرسول : لن ينالنا الا أحدُ أمرين ، وكلاهما خير ، إما النصرُ والغنيمة في الدنيا ، وإما الشهادة في سبيل الله والجنةُ في الآخرة . ونحن نتربَّص بكم ان يُوقع الله بكم عذاباً من عندِه يُهلككم به ، او يعذبكم بالذلَّة على أيدِينا فانتظِروا أَمْرَ الله ، ونحنُ معكم منتظِرون .