Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 109-109)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه إنما أرسل رسله من الرجال لا من النساء ، وهذا قول جمهور العلماء كما دل عليه سياق هذه الآية الكريمة أن الله تعالى لم يوح إِلى امرأة من بنات بني آدم وحي تشريع . وزعم بعضهم أن سارة امرأة الخليل ، وأم موسى ، ومريم بنت عمران أم عيسى ، نبيات ، واحتجوا بأن الملائكة بشرت سارة بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، وبقوله { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ } القصص 7 الآية ، وبأن الملك جاء إلى مريم ، فبشرها بعيسى عليه السلام ، وبقوله تعالى { وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِى لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِى وَٱرْكَعِى مَعَ ٱلرَٰكِعِينَ } آل عمران42 - 43 ، وهذا القدر حاصل لهن ، ولكن لا يلزم من هذا أن يكن نبيات بذلك ، فإن أراد القائل بنبوتهن هذا القدر من التشريف ، فهذا لا شك فيه ، ويبقى الكلام معه في أن هذا هل يكفي في الانتظام في سلك النبوة بمجرده أم لا ؟ الذي عليه أهل السنة والجماعة ، وهو الذي نقله الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري عنهم أنه ليس في النساء نبية ، وإنما فيهن صديقات كما قال تعالى مخبراً عن أشرفهن مريم بنت عمران حيث قال تعالى { مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ } المائدة 75 فوصفها في أشرف مقاماتها بالصديقية ، فلو كانت نبية لذكر ذلك في مقام التشريف والإعظام ، فهي صدّيقة بنص القرآن . وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً } الآية ، أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم ، وهذا القول من ابن عباس يعتضد بقوله تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى ٱلأَسْوَاقِ } الفرقان 20 الآية ، وقوله تعالى { وَمَا جَعَلْنَـٰهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَـٰلِدِينَ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } الأنبياء8 - 9 . وقوله تعالى { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ } الأحقاف9 الآية . وقوله { مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } المراد بالقرى المدن ، لا أنهم من أهل البوادي الذين هم من أجفى الناس طباعاً وأخلاقاً ، وهذا هو المعهود المعروف أن أهل المدن أرق طباعاً ، وألطف من أهل سوادهم ، وأهل الريف والسواد أقرب حالاً من الذين يسكنون في البوادي ، ولهذا قال تعالى { ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا } الآية . وقال قتادة في قوله { مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } لأنهم أعلم وأحلم من أهل العمود . وفي الحديث الآخر أن رجلاً من الأعراب أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة ، فلم يزل يعطيه ويزيده حتى رضي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد هَمَمْتُ أن لا أَتَّهِبَ هِبَةً إِلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دَوْسِيّ " وقال الإمام أحمد حدثنا حجاج ، حدثنا شعبة عن الأعمش عن يحيى بن وثاب ، عن شيخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأعمش هو ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ، خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم " وقوله { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } يعني هؤلاء المكذبين لك يا محمد في الأرض { فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي من الأمم المكذبة للرسل ، كيف دمر الله عليهم ، وللكافرين أمثالها كقوله { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ } الحج 46 الآية ، فإذا استمعوا خبر ذلك ، رأوا أن الله قد أهلك الكافرين ، ونجى المؤمنين ، وهذه كانت سنته تعالى في خلقه ، ولهذا قال تعالى { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي وكما نجينا المؤمنين في الدنيا ، كذلك كتبنا لهم النجاة في الدار الآخرة ، وهي خير لهم من الدنيا بكثير كقوله { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } غافر51 - 52 وأضاف الدار إلى الآخرة ، فقال { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ } كما يقال صلاة الأولى ، ومسجد الجامع ، وعام أول ، وبارحة الأولى ، ويوم الخميس . وقال الشاعر