Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 52-59)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما طال مقام موسى عليه السلام ببلاد مصر ، وأقام بها حجج الله وبراهينه على فرعون وملئه ، وهم مع ذلك يكابرون ويعاندون ، لم يبق لهم إلا العذاب والنكال ، فأمر الله تعالى موسى عليه السلام أن يخرج ببني إسرائيل ليلاً من مصر ، وأن يمضي بهم حيث يؤمر ، ففعل موسى عليه السلام ما أمره به ربه عز وجل ، خرج بهم بعد ما استعاروا من قوم فرعون حلياً كثيراً ، وكان خروجه بهم فيما ذكره غير واحد من المفسرين وقت طلوع القمر ، وذكر مجاهد رحمه الله أنه كسف القمر تلك الليلة ، فالله أعلم ، وأن موسى عليه السلام سأل عن قبر يوسف عليه السلام ، فدلته امرأة عجوز من بني إسرائيل عليه ، فاحتمل تابوته معهم ، ويقال إنه هو الذي حمله بنفسه عليهما السلام ، وكان يوسف عليه السلام قد أوصى بذلك ، إذا خرج بنو إسرائيل أن يحملوه معهم . وقد ورد في ذلك حديث رواه ابن أبي حاتم رحمه الله فقال حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح ، حدثنا ابن فضيل عن عبد الله بن أبي إسحاق ، عن ابن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعرابي ، فأكرمه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " تعاهدنا " فأتاه الأعرابي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما حاجتك ؟ " قال ناقة برحلها وأعنز يحتلبها أهلي ، فقال " أعجزت أن تكون مثل عجوز بني إسرائيل ؟ " فقال له أصحابه وما عجوز بني إسرائيل يا رسول الله ؟ قال " إن موسى عليه السلام لما أراد أن يسير ببني إسرائيل ، أضل الطريق ، فقال لبني إسرائيل ما هذا ؟ فقال له علماء بني إسرائيل نحن نحدثك أن يوسف عليه السلام لما حضرته الوفاة ، أخذ علينا موثقاً من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل تابوته معنا ، فقال لهم موسى فأيكم يدري أين قبر يوسف ؟ قالوا ما يعلمه إلا عجوز لبني إسرائيل ، فأرسل إليها فقال لها دليني على قبر يوسف ، فقالت والله لا أفعل حتى تعطيني حكمي ، فقال لها وما حكمك ؟ قالت حكمي أن أكون معك في الجنة ، فكأنه ثقل عليه ذلك ، فقيل له أعطها حكمها ــــ قال ــــ فانطلقت معهم إلى بحيرة ــــ مستنقع ماء ــــ فقالت لهم انضبوا هذا الماء ، فلما أنضبوه قالت احفروا ، فلما حفروا استخرجوا قبر يوسف ، فلما احتملوه إذا الطريق مثل ضوء النهار " وهذا حديث غريب جداً ، والأقرب أنه موقوف ، والله أعلم ، فلما أصبحوا وليس في ناديهم داع ولا مجيب ، غاظ ذلك فرعون ، واشتد غضبه على بني إسرائيل لما يريد الله به من الدمار ، فأرسل سريعاً في بلاده حاشرين ، أي من يحشر الجند ويجمعه كالنقباء والحجاب ، ونادى فيهم { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ } يعني بني إسرائيل { لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } أي لطائفة قليلة { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } أي كل وقت يصل منهم إلينا ما يغيظنا { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَـٰذِرُونَ } أي نحن كل وقت نحذر من غائلتهم ، وإني أريد أن أستأصل شأفتهم ، وأبيد خضراءهم ، فجوزي في نفسه وجنده بما أراد لهم ، قال الله تعالى { فَأَخْرَجْنَـٰهُمْ مِّن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } أي فخرجوا من هذا النعيم إلى الجحيم ، وتركوا تلك المنازل العالية والبساتين والأنهار والأموال والأرزاق ، والملك والجاه الوافر في الدنيا { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَـٰهَا بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ } كما قال تعالى { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَـٰرِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَـٰرِبَهَا ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا } الأعراف 137 الآية ، وقال تعالى { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } الآيتين القصص 5 .