Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 77, Ayat: 29-40)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن الكفار المكذبين بالمعاد والجزاء والجنة والنار أنهم يقال لهم يوم القيامة { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِى ثَلَـٰثِ شُعَبٍ } يعني لهب النار ، إذا ارتفع وصعد معه دخان فمن شدته وقوته أن له ثلاث شعب { لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِى مِنَ ٱللَّهَبِ } أي ظل الدخان المقابل للهب لا ظليل هو في نفسه ، ولا يغني من اللهب ، يعني ولا يقيهم حر اللهب . وقوله تعالى { إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } أي يتطاير الشرر من لهبها كالقصر ، قال ابن مسعود كالحصون ، وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومالك عن زيد بن أسلم وغيرهم يعني أصول الشجر { كَأَنَّهُ جِمَـٰلَةٌ صُفْرٌ } أي كالإبل السود ، قاله مجاهد والحسن وقتادة والضحاك ، واختاره ابن جرير ، وعن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير { جِمَـٰلَةٌ صُفْرٌ } يعني حبال السفن ، وعنه ، أعني ابن عباس { جِمَـٰلَةٌ صُفْرٌ } قطع نحاس ، وقال البخاري حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى ، أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن عابس قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما { إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } قال كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك ، فنرفعه للبناء ، فنسميه القصر { كَأَنَّهُ جِمَـٰلَةٌ صُفْرٌ } حبال السفن تجمع حتى تكون كأوساط الرجال { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } ثم قال تعالى { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } أي لا يتكلمون { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } أي لا يقدرون على الكلام ، ولا يؤذن لهم فيه ليعتذروا ، بل قد قامت عليهم الحجة ، ووقع القول عليهم بما ظلموا ، فهم لا ينطقون ، وعرصات القيامة حالات ، والرب تعالى يخبر عن هذه الحالة تارة ، وعن هذه الحالة تارة ليدل على شدة الأهوال والزلازل يومئذ ، ولهذا يقول بعد كل فصل من هذا الكلام { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } . وقوله تعالى { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَـٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } وهذه مخاطبة من الخالق تعالى لعباده ، يقول لهم { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ } يعني أنه جمعهم بقدرته في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر . وقوله تعالى { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } تهديد شديد ، ووعيد أكيد ، أي إن قدرتم على أن تتخلصوا من قبضتي ، وتنجوا من حكمي ، فافعلوا ، فإنكم لا تقدرون على ذلك كما قال تعالى { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَـٰرِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَـٰنٍ } الرحمن 33 وقد قال تعالى { وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا } هود 57 وفي الحديث " يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، ولن تبلغوا ضري فتضروني " وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن المنذر الطريقي الأودي ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا حصين ابن عبد الرحمن عن حسان بن أبي المخارق ، عن أبي عبد الله الجدلي قال أتيت بيت المقدس ، فإذا عبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو وكعب الأحبار يتحدثون في بيت المقدس ، فقال عبادة إذا كان يوم القيامة ، جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، ويقول الله { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَـٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } اليوم لا ينجو مني جبار عنيد ، ولا شيطان مريد ، فقال عبد الله بن عمرو فإنا نحدث يومئذ أنها تخرج عنق من النار ، فتنطلق ، حتى إذا كانت بين ظهراني الناس ، نادت أيها الناس إني بعثت إلى ثلاثة أنا أعرف بهم من الأب بولده ، ومن الأخ بأخيه ، لا يغيبهم عني وزر ، ولا تخفيهم عني خافية ، الذي جعل مع الله إلهاً آخر ، وكل جبار عنيد ، وكل شيطان مريد ، فتنطوي عليهم ، فتقذف بهم في النار قبل الحساب بأربعين سنة .