Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 64-66)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يحرض تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على القتال ومناجزة الأعداء ومبارزة الأقران ، ويخبرهم أنه حسبهم ، أي كافيهم وناصرهم ومؤيدهم على عدوهم ، وإن كثرت أعدادهم وترادفت أمدادهم ، ولو قل عدد المؤمنين . قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا سفيان عن شوذب عن الشعبي في قوله { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قال حسبك الله ، وحسب من شهد معك ، قال وروي عن عطاء الخراساني وعبد الرحمن بن زيد مثله ، ولهذا قال { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ } أي حثهم ، أو ذمرهم عليه ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرض على القتال ، عند صفهم ومواجهة العدو ، كما قال لأصحابه يوم بدر حين أقبل المشركون في عَدَدَهم وعُدَدِهم " قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض " فقال عمير بن الحمام عرضها السموات والأرض ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعم " ، فقال بخ بخ ، فقال " ما يحملك على قولك بخ بخ ؟ " قال رجاء أن أكون من أهلها ، قال " فإنك من أهلها " فتقدم الرجل ، فكسر جفن سيفه ، وأخرج تمرات فجعل يأكل منهن ، ثم ألقى بقيتهن من يده وقال لئن أنا حييت حتى آكلهن إنها لحياة طويلة ، ثم تقدم فقاتل حتى قتل رضي الله عنه . وقد روي عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير أن هذه الآية نزلت حين أسلم عمر بن الخطاب وكمل به الأربعون ، وفي هذا نظر لأن هذه الآية مدنية ، وإسلام عمر كان بمكة بعد الهجرة إلى أرض الحبشة ، وقبل الهجرة إلى المدينة ، والله أعلم . ثم قال تعالى مبشراً للمؤمنين وآمراً { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مُّنكُمْ مِّاْئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفًا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } كل واحد بعشرة ، ثم نسخ هذا الأمر ، وبقيت البشارة . قال عبد الله بن المبارك حدثنا جرير بن حازم ، حدثني الزبير بن الحريث ، عن عكرمة عن ابن عباس ، قال لما نزلت { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ } شق ذلك على المسلمين ، حتى فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة ، ثم جاء التخفيف ، فقال { ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ } إلى قوله { يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ } قال خفف الله عنهم من العدة ، ونقص من الصبر ، بقدر ما خفف عنهم . وروى البخاري من حديث ابن المبارك نحوه . وقال سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس في هذه الآية ، قال كتب عليهم أن لا يفر عشرون من مائتين ، ثم خفف الله عنهم ، فقال { ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } فلا ينبغي لمائة أن يفروا من مائتين ، وروى البخاري عن علي بن عبد الله عن سفيان به نحوه ، وقال محمد بن إسحاق حدثني ابن أبي نجيح ، عن عطاء عن ابن عباس ، قال لما نزلت هذه الآية ، ثقلت على المسلمين ، وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين ، ومائة ألفاً ، فخفف الله عنهم ، فنسخها بالآية الأخرى ، فقال { ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } الآية ، فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم ، لم يسغ لهم أن يفروا من عدوهم ، وإذا كانوا دون ذلك ، لم يجب عليهم قتالهم ، وجاز لهم أن يتحوزوا عنهم . وروى علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس نحو ذلك ، قال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد وعطاء وعكرمة والحسن ، وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني والضحاك ، وغيرهم ، نحو ذلك . وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث المسيب بن شريك ، عن ابن عون عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، في قوله { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ } قال نزلت فينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وروى الحاكم في مستدركه من حديث أبي عمرو بن العلاء ، عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ { ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } رفع ، ثم قال صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .