Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 17-22)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ } بيان وحجة { مِّن رَّبِّهِ } وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } يتبعه من يشهد له ويصدقه . واختلفوا في هذا الشاهد فقال ابن عباس وعلقمة وإبراهيم ومجاهد والضحاك وأبو صالح وأبو العالية وعكرمة : هو جبريل ( عليه السلام ) ، وقال الحسن ( رضي الله عنه ) : هو رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وقال الحسن وقتادة : هو لسان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وقال محمد بن الحنفية : قلت لأبي أنت التالي ؟ قال : وما تعني بالتالي ؟ قلت : قوله : { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } قال : وددت أني هو ولكنه لسان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وقال بعضهم : الشاهد صورة النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه ومخائله ، لأنّ كل من كان له عقل ونظر إليه علم أنه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وقال الحسين بن الفضل : هو القرآن في نظمه وإعجازه والمعاني الكثيرة منه في اللفظ القليل . وروى ابن جريج وابن أبي نجيح عن مجاهد قال : هو ملك يحفظه ويسدّده . وقيل : هو علي بن أبي طالب . أخبرني عبد الله الأنصاري عن القاضي أبو الحسين النصيري ، أبو بكر السبيعي ، علي بن محمد الدهان والحسن بن إبراهيم الجصاص ، قال الحسين بن حكيم ، الحسين بن الحسن عن حنان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } علي خاصة ( رضي الله عنه ) . وبه عن السبيعي عن علي بن إبراهيم بن محمد [ العلوي ] ، عن الحسين بن الحكيم ، عن إسماعيل بن صبيح ، عن أبي الجارود ، عن حبيب بن يسار ، عن زاذان قال : سمعت علياً يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو ثنيت لي وسادة فأُجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزبور بزبورهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلاّ وأنا أعرف به يساق إلى جنة أو يقاد إلى نار . فقام رجل فقال : ما آيتك يا أمير المؤمنين التي نزلت فيك ؟ قال : { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } رسول الله صلى الله عليه وسلم على بينة من ربه وأنا شاهد منه . وبه عن [ السبيعي ] ، وأحمد بن محمد بن سعيد الهمداني حدثني الحسن بن علي بن برقع وعمر بن حفص الفراء ، حدثنا صباح القرامولي ، عن محارب عن جابر بن عبد الله [ الأنصاري ] ، قال علي ( رضي الله عنه ) : ما من رجل من قريش إلاّ وقد نزلت فيه الآية والآيتان ، فقال له رجل : فأنت أي شيء نزل فيك ؟ قال علي ( رضي الله عنه ) : أما تقرأ الآية التي في هود ، { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } . وفي الكلام محذوف تقديره : أفمن كان على بيّنة من ربه كمن هو في الضلالة [ متردّد ] ، ثم قال : { وَمِن قَبْلِهِ } يعني ومن قبل محمد والقرآن كان { كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ } أي بني إسرائيل { يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ } أي بمحمد وقيل بالقرآن ، وقيل بالتوراة { مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } . روى سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يستمع لي يهودي ولا نصراني ، ولا يؤمن بي إلاّ كان من أهل النار " . قال أبو موسى فقلت في نفسي : إن النبي لا يقول مثل هذا القول إلاّ من الفرقان فوجدت الله يقول : { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُه } . { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ } أي في شكّ { مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } زعم أن لله ولداً أو شريكاً أو كذب بآيات القرآن { أُوْلَـٰئِكَ } يعني الكاذبين ، { يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } فيسألهم عن أعمالهم ويجزيهم بها . { وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ } يعني الملائكة الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ، في قول مجاهد والأعمش ، وقال الضحاك : يعني الأنبياء والرسل ، وقال قتادة : يعني الخلائق . وروى صفوان بن محرز المازني قال : بينا نحن نطوف بالبيت مع عبد الله بن عمر إذ عرض له رجل فقال : يا بن عمر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى ؟ فقال : سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم [ يقول ] : " يدنو المؤمن من ربّه حتى يضع كتفيه عليه فيقرّره بذنوبه فيقول : هل [ تعرف ما فعلت ؟ يقول : [ رب أعرف مرّتين ، حتى إذا بلغ ما شاء الله أن يبلغ فقال : وإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، وقال [ ثمّ يعطى صحيفة حسناته ، أو كتابه بيمينه قال ] : وأما الكافر والمنافق فينادى بهم على رؤوس الأشهاد " . { هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ * ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ } قال ابن عباس : سابقين . مقاتل بن حيان : قانتين ، قتادة : [ هراباً ] { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ } أنصار تُغني [ عنهم ] { يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ } يعني يزيد في عذابهم . { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ } اختلف في تأويله : قال قتادة [ … ] : { وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } الهدى ، وقوله : { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } [ الشعراء : 212 ] قال ابن عباس : إن الله تعالى إنّما حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا ، وأما في الدنيا فإنه قال { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } فإنه قال : فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ، وقال بعضهم : إنما عنى بذلك الأصنام . { أُوْلَـٰئِكَ } وآلهتهم { لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ } ولا يسمعونه { وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } [ … ] فلا يعتبرون بها ، فحذف الباء ، كما يقول : لا يجزينك ما عملت وبما عملت . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ * لاَ جَرَمَ } أي [ … ] ، قال الفرّاء : معناها لابدّ ولا محالة { أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } يعني من غيرهم ، وإنْ كان الكل في الخسار .