Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 26-29)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً } هذه الآية نزلت في اليهود ، وذلك أنّ الله تعالى ذكر في كتابه العنكبوت والذباب فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً } [ الحج : 73 ] الآية . وقال : { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ } [ العنكبوت : 41 ] الآية ، ضحكت اليهود وقالوا : ما هذا الكلام وماذا أراد الله بذكر هذه الأشياء الخبيثة في كتابه وما يشبه هذا كلام الله ، فأنزل الله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً } أي لا يترك ولا يمنعه الحياء أن يضرب مثلا أن تصف للحق شبهاً . { مَّا بَعُوضَةً } . ( ما ) صلة ، وبعوضة نصب يدلّ على المثل . { فَمَا فَوْقَهَا } : ابن عباس يعني الذباب والعنكبوت . وقال أبو عبيدة : يعني فما دونها . { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد والقرآن { فَيَعْلَمُونَ } يعني أنّ هذا المثل هو { أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } الصدق الصحيح . { مِن رَّبِّهِمْ } . { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن . { فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً } : أي بهذا المثل . فلمّا حذف الألف واللام نصب على الحال والقطع والتمام ، كقوله : { وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً } [ النحل : 52 ] . فأجابهم الله تعالى فقال : أراد الله بهذا المثل { يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً } من الكافرين ذلك أنهم ينكرونه ويكذّبونه { وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً } من المؤمنين يعرفونه ويصدّقون . { وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَاسِقِينَ } الكافرين ، وأصل الفسق : الخروج ، قال الله تعالى : { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } [ الكهف : 50 ] أي خرج . تقول العرب : فسقت الرّطبة عن القشر ، أي خرجت . ثمّ وصفهم فقال : { ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ } أي يتركون ويخالفون ، وأصل النقض : الكسر . { عَهْدَ ٱللَّهِ } أمره الذي عَهِد إليهم يوم الميثاق بقوله تعالى : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [ الأعراف : 172 ] وما عهد إليهم في التوراة أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم [ وضمّنه ] نعته وصفته . { مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } توكيده وتشديده ، وهو مفعال من الوثيقة . { وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } يعني الأرحام ، وقيل : هو الإيمان بجميع الرّسل والكتب ، وهو نوع من الصّلة ؛ لأنهم قالوا : { نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } [ النساء : 150 ] فقطعوا ، وقال المؤمنون : { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } [ البقرة : 285 ] فوصلوا . { وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأرْضِ } بالمعاصي وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن . { أُولَـۤئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } : أي المغبونون بالعقوبة وفوت المثوبة ، ثمّ قال : لمشركي مكة على التعجّب : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ } واو الحال { أَمْوَاتاً } نطفاً في أصلاب آبائكم { فَأَحْيَاكُمْ } في الأرحام في الدنيا { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } عند انقضاء آجالكم . { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } للبعث . { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } تأتون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم . وقرأ يعقوب : ترجعون ، وبيانه بفتح الأول وكسر الجيم جعل الفعل لهم . { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ } لأجلكم . { مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ } أي قصد وعمد الى خلق السماء . { فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } أي خلق سبع سماوات مستويات بلا فطور ولا شطور ولا عمد تحتها ولا علامة فوقها . { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } : عالم .