Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 98-114)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } لا العجل { وَسِعَ } ملأ { كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } فعلمه ولم يضق عليه ، يقال : فلان يسع لهذا الأمر إذا أطاقه وقوي عليه { كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ } من الأُمور { وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } يعني القرآن { مَّنْ أَعْرَضَ } أدبر { عَنْهُ } فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه { فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } إثماً عظيماً وحملاً ثقيلاً { خَالِدِينَ فِيهِ } لا يكفره شيء . { وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً * يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } قرأهُ العامة بياء مضمومة على غير تسمية الفاعل ، وقرأ أبو عمرو بنون مفتوحة لقوله { وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ } المشركين { يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } والعرب تتشاءم بزرقة العيون . قال الشاعر يهجو رجلاً : @ لقد زرقت عيناك يا بن مكعبر كما كل ضبي من اللؤم أزرق @@ وقيل : أراد عُمياً { يَتَخَافَتُونَ } يتسارُّون فيما { بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ } ما مكثتم في الدنيا ، وقيل : في القبور { إِلاَّ عَشْراً } أي عشر ليال . قال الله سبحانه { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً } أي أوفاهم عقلاً وأصوبهم رأياً { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } قصر ذلك في أعينهم في جنب ما يستقبلهم من أهوال يوم القيامة . { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا } يقلعها من أماكنها ويطرحها في البحار حتى تستوي . فإن قيل : ما العلّة الجالبة للفاء التي في قوله فقل خلافاً لأخواتها في القرآن ؟ فالجواب أنّ تلك أسئلة تقدّمت سألوا عنها رسول الله فجاء الجواب عقيب السؤال ، وهذا سؤال لم يسألوه بعد وقد علم الله سبحانه أنّهم سائلوه عنه فأجاب قبل السؤال ، ومجازها : وإن سألوك عن الجبال فقل ينسفها { رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } أرضاً ملساء لا نبات فيها . { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } . قال ابن عباس : العوج : الأودة ، والأمت الروا بي والنشوز . مجاهد : العوج : الانخفاض ، والأمت : الارتفاع . ابن زيد : الأمت : التفاوت والتعادي . ويقول العرب : ملأت القربة ماءً لا أمت فيه أي لا استرخاء . يمان : الأمت : الشقوق في الأرض { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ } الذي يدعوهم إلى موقف القيامة وهو إسرافيل { لاَ عِوَجَ لَهُ } أي لدعاته ، وقال أكثر العلماء : هو من المقلوب أي لا حرج لهم عن دعاته ، لا يزيغون عنه ، بل يتّبعونه سراعاً . { وَخَشَعَتِ } وسكنت { ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ } فوصف الأصوات بالخشوع والمعنى لأهلها { فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } يعني وطْء الأقدام ونقلها إلى المحشر ، وأصله الصوت الخفي ، يقال : همس فلان بحديثه إذا أسرّه وأخفاه ، قال الراجز : @ وهنّ يمشين بنا هميساً إن تصدق الطير ننك لميسا @@ يعني بالهمس صوت أخفاف الإبل . وقال مجاهد : هو تخافت الكلام وخفض الصوت . { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } في الشفاعة { وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } أي ورضي قوله . { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } الكناية مردودة إلى الذين يتّبعون الداعي . { وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } لا يدركونه ولا يعلمون ما هو صانع بهم . { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ } أي ذلّت وخضعت واستسلمت ، ومنه قيل للأسير عان ، وقال أُميّة بن أبي الصلت : @ مليك على عرش السماء مهيمن لعزّته تعنو الوجوه وتسجد @@ وقال طلق بن حبيب : هو السجود . { وَقَدْ خَابَ } خسر { مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } شركاً . { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ } قرأ ابن كثير على النهي جواباً لقوله { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ } والباقون : فلا يخاف على الخبر . { ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } . قال ابن عباس : لا يخاف أن يزاد عليه في سيئاته ولا ينقص من حسناته . الحسن وأبو العالية : لا ينقص من ثواب حسناته شيئاً ولا يحمل عليه ذنب مسيء . الضحاك : لا يؤخذ بذنب لم يعمله ولا يبطل حسنة عملها . وأصل الهضم : النقص والكسر يقال : هضمت لك من حقك أي حططتُ ، وهضم الطعام ، وامرأة هضيم الكشح أي ضامرة البطن . { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا } بيّنّا { فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ } القرآن { ذِكْراً } عظة وعبرة . وقال قتادة : جدّاً وورعاً . { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } قرأ يعقوب بفتح النون والياءين ، وقرأ الآخرون : بضم الياء الأولى والأُخرى وسكون الوسطى . قال مجاهد وقتادة : لا تقرئه أصحابك ولا تُمله عليهم حتى يتبيّن لك معانيه ، نهى عن تلاوة الآية التي تنزل عليه وإملائه على أصحابه قبل بيان معناها ، وهذه رواية العوفي عن ابن عباس . وقال في سائر الروايات : كان النبىّ صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبرائيل بالوحي يقرأه مع جبرائيل ، ولا يفرغ جبرائيل مما يريد من التلاوة حتى يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بأوّله حرصاً منه على ما كان ينزل عليه وشفقة على القرآن مخافة الانفلات والنسيان ، فنهاه الله سبحانه عن ذلك وقال : { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ } أي بقراءة القرآن { مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } من قبل أن يفرغ جبرئيل من تلاوته عليك . { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } بالقرآن أي فهماً ، وقيل : حفظاً ونظيرها قوله { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } [ القيامة : 16 ] الآية .