Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 27-37)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَذِّن } يعني وعهدنا إلى إبراهيم ايضاً أن أذّنْ أي أعلِمْ ونادِ في الناس { بِٱلْحَجِّ } . فقال إبراهيم : يا رب وما يبلغ صوتي ؟ فقال : عليك الأذان وعليّ البلاغ ، فقام إبراهيم على المقام وقيل : على جبل أبي قبيس ونادى : يا أيها الناس ألا إنّ ربّكم قد بنى بيتاً فحجّوه ، فأسمع الله ذلك من في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، وما بين المشرق والمغرب والبر والبحر ممن سبق في علم الله سبحانه أن يحجّ إلى يوم القيامة ، فأجابه : لبيك اللهم لبيك . وقال ابن عباس : عنى بالناس في هذه الآية أهل القبلة وزعم الحسن أنّ قوله تعالى { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ } كلام مستأنف ، وأن المأمور بهذا التأذين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمر أن يفعل ذلك في حجّة الوداع . { يَأْتُوكَ رِجَالاً } مشاة على أرجلهم جمع راجل مثل قائم وقيام وصائم وصيام . { وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ } أي وركبانا ، والضامر البعير المهزول ، وإنما جمع { يَأْتِينَ } لمكان كلّ ، أراد النوق { مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ } طريق بعيد . سمعت أبا الحسن محمد بن القاسم الفقيه يقول : سمعت أبا القاسم بشر بن محمد بن ياسين القاضي يقول : رأيت في الطواف كهلاً قد أجهدته العبادة واصفرّ لونه وبيده عصا وهو يطوف معتمداً عليها ، فتقدّمت إليه وجعلت أُسائله فقال لي : من أين أنت ؟ قلت : من خراسان قال : في أي ناحية تكون خراسان ؟ كأنّه جهلها ؟ قلت : ناحية من نواحي المشرق ، فقال : في كم تقطعون هذا الطريق ؟ قلت : في شهرين وثلاثة أشهر ، قال : أفلا تحجّون كل عام فأنتم من جيران هذا البيت ؟ فقلت له : وكم بينكم وبين هذا البيت ؟ فقال : مسيرة خمس سنين ، خرجت من بلدي ولم يكن في رأسي ولحيتي شيب ، فقلت : هذا والله الجهد البيّن والطاعة الجميلة والمحبة الصادقة ، فضحك في وجهي وأنشأ يقول : @ زُر مَن هويت وإنْ شطّت بك الدار وحال من دونه حجب وأستارُ لا يمنعك بُعدٌ من زيارته إنّ المحبّ لمن يهواه زَوارُ @@ { لِّيَشْهَدُواْ } ليحضروا { مَنَافِعَ لَهُمْ } يعني التجارة عن سعيد بن جبير ، وهي رواية ابن رزين عن ابن عباس قال : هي الأسواق . مجاهد : التجارة وما يرضي الله سبحانه من أمر الدنيا والآخرة . سعيد بن المسيب وعطية العوفي ومحمد بن علىّ الباقر : العفو والمغفرة . { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } يعني ذي الحجّة في قول أكثر المفسّرين ، والمعدودات أيام التشريق ، وإنّما قيل لها معدودات لأنّها قليلة ، وقيل للعشر : معلومات للحرص على علمها بحسابها من أجل أنّ وقت الحج في آخرها . وقال مقاتل : المعلومات أيام التشريق . محمد بن كعب : المعدودات والمعلومات واحدة . { عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } يعني الهدايا والضحايا من الإبل والبقر والغنم . { فَكُلُواْ مِنْهَا } أمر إباحة وليس بواجب . قال المفسرون : وإنّما قال ذلك لأنّ أهل الجاهلية كانوا ينحرون ويذبحون ولا يأكلون من لحوم هداياهم شيئاً . { وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ } يعني الزمِن { ٱلْفَقِيرَ } الذي لا شيء له { ثُمَّ لْيَقْضُواْ } واختلف القرّاء في هذه اللامات فكسرها بعضهم فرقاً بين ثم والواو والفاء لأن ثمّ مفضول من الكلام ، والواو والفاء كأنهما من نفس الكلمة ، وجزمها الآخرون لأنّها كلّها لامات الأمر { تَفَثَهُمْ } والتفث : مناسك الحج كلّها عن ابن عمر وابن عباس . وقال القرظي ومجاهد : هو مناسك الحج واخذ الشارب ونتف الإبط وحلق العانة وقصّ الأظفار . عكرمة : التفث : الشعر والظفر . الوالبي عن ابن عباس : هو وضع الإحرام من حلق الرأس وقصّ الأظفار ولبس الثياب ونحوها . وأصل التفث في اللغة الوسخ ، تقول العرب للرجل تستقذره : ما أتفثك أي ما أوسخك ! وأقذرك ! قال أمية بن الصلت : @ ساخين آباطهم لم يقذفوا تفثاً وينزعوا عنهم قملاً وصئبانا @@ { وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } قال مجاهد : نذر الحج والهدي وما ينذر الانسان من شيء يكون في الحج . { وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } أراد الطواف الواجب وهو طواف الإفاضة والزيارة الذي يطاف بعد التعريف أمّا يوم النحر وأمّا بعده . واختلف العلماء في معنى العتيق ، فقال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وقتادة : سمّي عتيقاً لأنّ الله سبحانه أعتقه من الجبابرة أن يصلوا إلى تخريبه ، فلم يظهر عليه جبار قطّ ، ولم يسلّط عليه إلاّ من يعظّمه ويحترمه . قال سعيد بن جبير : أقبل تبّع يريد هدم البيت حتى إذا كان بقديد أصابه الفالج فدعا الأحبار فقالوا : إنّ لهذا البيت ربّاً ما قصده قاصد بسوء إلاّ حجبه عنه بمكروه فإن كنت تريد النجاة ممّا عرض لك فلا تتعرّض له بسوء . قال : فأهدى إلى البيت كسوة وأنطاعاً فأُلبست ، وكان أوّل ما أُلبست ، ونحر عنده ألف ناقة وعفا عن أهله وبرّهم ووصلهم ، فسمّيت المطابخ لمطبخة القوم ، وكانت خيله جياداً فسميّت جياد لخيل تبّع ، وسميّت قعيقعان لقعقعة السلاح حين أقبل من المدينة . وقال سفيان بن عيينة : سمّي بذلك لأنه لم يُملك قط ، وهي رواية عبيد عن مجاهد قال : إنما سمّي البيت العتيق لأنّه ليس لأحد فيه شيء . ابن زيد : لأنه قديم وهو أول بيت وضع للناس ، يقال : سيف عتيق ودينار عتيق أي قديم ، وقيل : لأنه كريم على الله سبحانه ، يقول العرب : فرس عتيق . { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ } فيجتنب معاصيه { فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } . قال ابن زيد : الحرمات : المشعر الحرام والبيت الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام ، وقيل : هي المناسك . { وَأُحِلَّتْ لَكُمُ ٱلأَنْعَامُ } أن تأكلوها إذا ذكّيتموها { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } في القرآن وهو قوله { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ } [ المائدة : 3 ] الآية ، وقوله { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } [ الأنعام : 121 ] وقيل : وأُحلّت لكم الأنعام في حال إحرامكم إلاّ ما يتلى عليكم من الصيد فإنه حرام في حال الإحرام . { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } يعني عبادتها لأن الأوثان كلّها رجس . { وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ } يعني الكذب والبهتان . قال أيمن بن حريم : قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال : " يا أيها الناس عدلت شهادة الزور الشرك بالله ، ثمَّ قرأ هذه الآية " . وقال بعضهم : هو قول المشركين في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك . { حُنَفَآءَ } مستقيمين مخلصين { لِلَّهِ } وقيل : حجاجاً غير مشركين به { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ } أي سقط إلى الأرض { فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ } والخطف والاختطاف تناول الشيء بسُرعة ، وقرأ أهل المدينة فتخَطّفه بفتح الخاء وتشديد الطاء أي تتخَطَّفه فأُدغم ، وتصديق قراءة العامة قوله تعالى { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ } [ الصافات : 10 ] . { أَوْ تَهْوِي } تميل وتذهب { بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } بعيد . قال أهل المعاني : إنما شبّه حال المشرك بحال الهاوي في أنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا دفع ضر يوم القيامة . وقال الحسن : شبّه أعمال الكفّار بهذه الحال في أُنها تذهب وتبطل ، فلا يقدرون على شيء منها . { ذٰلِكَ } الذي ذكرت من اجتناب الرجس والزور وتعظيم شعائر الله { مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } هذا معنى الآية ونظمها : وشعائر الله : الهدي والبُدن ، وأصلها من الإشعار وهو إعلامها لتعرف أنها هدي فسمّيت به ، وتعظيمها استعظامها واستحسانها واستسمانها . { لَكُمْ فِيهَا } أي في الهدايا { مَنَافِعُ } قيل : أن يسمّيها صاحبها بدنة أو هدياً ويشعرها ويقلدّها في رسلها وأصوافها وأوبارها وركوب ظهورها . { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو أن يسمّيها هدياً ويوجبها ، فإذا فعل ذلك لم يكن له من منافعها شيء ، هذا قول مجاهد وعطاء والضحاك وقتادة ، ورواية مقسم عن ابن عباس ، وقيل : معناه : لكم في هذه الهدايا منافع بعد إنجابها وتسميتها هدياً بأن تركبوها إذا احتجتم إليها وتشربوا ألبانها إن اضطررتم إليها ، إلى أجل مسمّى يعني إلى أن تُنحر ، وهذا قول عطاء بن أبي رباح . وقال بعضهم : أراد بالشعائر المناسك ومشاهد مكة ، ومعنى الآية : لكم فيها منافع بالتجارة والأسواق إلى أجل مسمّى وهو الخروج من مكة ، وهذه رواية أبي ذر عن ابن عباس . وقال بعضهم : لكم فيها منافع بالأجر والثواب في قضاء المناسك وإقامة شعائر الحج إلى أجل مسمى وهو انقضاء أيام الحج . { ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } أي منحرها عند البيت العتيق يعني أرض الحرم كلّها ، نظيرها قوله سبحانه { فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا } [ التوبة : 28 ] أي الحرم كلّه ، وقال الذين قالوا : عنى بالشعائر المناسك ، معنى الآية : ثم محلّ الناس من إحرامهم إلى البيت العتيق أن يطوفوا به طواف الزيارة يوم النحر بعد قضاء المناسك . { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ } جماعة مؤمنة سلفت قبلكم { جَعَلْنَا مَنسَكاً } اختلف القرّاء فيه فقرأ أهل الكوفة إلاّ عاصماً بكسر السين في الحرفين على معنى الاسم مثل المجلس والمطلع أي مذبحاً موضع قربان ، وقرأ الآخرون بفتح السين فيهما على المصدر مثل المدخل والمخرج أي إهراق الدماء وذبح القرابين . { لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } عند ذبحها ونحرها ، وإنّما خصّ بهيمة الأنعام لأنَّ من البهائم ما ليس من الأنعام كالخيل والبغال والحمير ، وإنما قيل بهائم لأنها لا تتكلم . { فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } قال ابن عباس وقتادة : المتواضعين ، مجاهد : المطمئنّين إلى الله سبحانه ، الأخفش : الخاشعين ، ابن جرير : الخاضعين ، عمرو بن أوس : هم الذين لا يَظلمون ، وإذا ظُلموا لم ينتصروا . { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَٱلصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَٱلْبُدْنَ } أي الإبل العظام الضخام الأجسام ، وتخفّف وتثقّل واحدتها بدنة مثل تمرة وتمر وخشبة وخشب وبادن مثل فاره وفره ، والبدن هو الضخم من كلّ شيء ومنه قيل لامرئ القيس بن النعمان صاحب الخورنق والسدير : البدن لضخمه ، وقد بدُن الرجل بدناً وبدانةً إذا ضخم ، فأما إذا أشفى واسترخى قيل : بدّن تبديناً . وقال عطاء والسدّي : البدن : الإبل والبقر . { جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ } أي أعلام دينه إذا أُشعر { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } النفع في الدنيا ، والأجر في العقبى { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } عند نحرها ، قال ابن عباس : هو أن تقول : الله أكبر لا إله إلاّ الله والله أكبر ، اللهمّ منك ولك . { صَوَآفَّ } أي قياماً على ثلاث قوائم قد صفّت رجليها وإحدى يديها ويدها اليسرى معقولة فينحرها كذلك . روى يعلى بن عطاء عن يحيى بن سالم قال : رأيت ابن عمر وهو ينحر بدنته فقال : صوافّ كما قال الله سبحانه ، فنحرها وهي قائمة معقولة إحدى يديها . وقال مجاهد : الصواف إذا عقلت رجلها اليسرى وقامت على ثلاث وتنحر كذلك . وقرأ ابن مسعود : صوافن وهي المعقلة تعقل يد واحدة ، وكانت على ثلاث وتنحر ، وهو مثل صواف . وقرأ أُبيّ : صوافي وهكذا أيضاً مجاهد وزيد بن أسلم بالياء أي صافية خالصة لله سبحانه لا شريك له فيها كما كان المشركون يفعلون . { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا } أي سقطت بعد النحر فوقعت جنوبها على الأرض . وقال ابن زيد : فإذا ماتت ، وأصل الوجوب الوقوع ، يقال : وجبت الشمس إذا سقطت للمغيب ، ووجب الفعل إذا وقع ما يلزم به فعله . { فَكُلُواْ مِنْهَا } أمر إباحة ورخصة مثل قوله سبحانه { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ } [ المائدة : 2 ] وقوله سبحانه وتعالى { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } [ الجمعة : 10 ] . { وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ } اختلفوا في معناهما ، فروى العوفي عن ابن عباس وليث عن مجاهد أنّ القانع الذي يقنع بما أُعطي ، ويرضى بما عنده ولا يسأل ، والمعترّ : الذي يمرّ بك ويتعّرض لك ولا يسأل . عكرمة وابن ميثم وقتادة : القانع : المتعفف الجالس في بيته ، والمعترّ : السائل الذي يعتريك ويسألك ، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس . حصيف عن مجاهد ، القانع : أهل مكة وجارك وإن كان غنّياً ، والمعتّر الذي يعتريك ويأتيك فيسألك ، وعلى هذه التأويلات يكون القانع من القناعة وهي الرضا والتعفّف وترك السؤال . سعيد بن جبير والكلبي : القانع : الذي يسألك ، والمعترّ : الذي يتعرّض لك ويريك نفسه ولا يسألك ، وعلى هذا القول يكون القانع من القنوع وهو السؤال . قال الشماخ : @ لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعفّ من القنوع @@ وقال لبيد : @ واعطاني المولى على حين فقره إذا قال أبصر خلّتي وقنوعي @@ وقال زيد بن أسلم : القانع : المسكين الذي يطوف ويسأل ، والمعترّ : الصديق الزائر الذي يعترّ بالبدن . ابن أبي نجيح عن مجاهد : القانع : الطامع ، والمعتر : من يعتر بالبدن من غنّي أو فقير . ابن زيد : القانع : المسكين ، والمعترّ الذي يعترّ القوم للحمهم وليس بمسكين ولا يكون له ذبيحة ، يجيء إلى القوم لأجل لحمهم . وقرأ الحسن : والمعتري وهو مثل المعتر ، يقال : عراه واعتراه إذا أتاه طالباً معروفه . { كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا } وذلك أنّ أهل الجاهلية كانوا إذا نحروا البدن لطّخوا حيطان الكعبة بدمائها فأنزل الله سبحانه { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ } أي لن يصل إلى الله { لُحُومُهَا وَلا دِمَآؤُهَا } . { وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ } أي النيّة وإلاخلاص وما أُريد به وجه الله عزّ وجلّ ، وقرأ يعقوب تنال وتناله بالتاء ، غيره : بالياء . { كَذٰلِكَ } هكذا { سَخَّرَهَا } يعني البدن { لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ } لإعلام دينه ومناسك حجّه وهو أن يقول : الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أبلانا وأولانا .