Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 45-59)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ } تعظّموا عن الإيمان { وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } متكّبرين ، قاهرين غيرهم بالظلم ، نظيرها { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } [ القصص : 4 ] . { فَقَالُوۤاْ } يعني فرعون وقومه { أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا } فنتّبعهما { وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ } مطيعون متذللّون ، والعرب تسمّي كلّ من دان لملك عابداً له ، ومن ذلك قيل لأهل الحيرة : العباد لأنّهم كانوا أهل طاعة لملوك العجم . { فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } بالغرق { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } التوراة { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } لكي يهتدي بها قومه فيعملوا بما فيها { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } دلالة على قدرتنا ، وكان حقّه أن يقول آيتين كما قال الله سبحانه { وَجَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ } [ الإسراء : 12 ] واختلف النحاة في وجهها ، فقال بعضهم : معناه : وجعلنا كل واحد منهما آية كما قال سبحانه { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا } [ الكهف : 33 ] أي آتت كلّ واحدة أُكلها وقال { إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ } [ المائدة : 90 ] ولم يقل أرجاس ، وقال بعضهم : معناه : جعلنا شأنهما واحداً لأنّ عيسى ولد من غير أب ، وأُمّه ولدت من غير مسيس ذكر . { وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } . أخبرنا أبو صالح منصور بن أحمد المشطي قال : أخبرنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن عبد الله الرازي قال : أخبرنا سلمان بن علي قال : أخبرنا هشام بن عمار قال : حدّثنا عبد المجيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن سلام في قول الله سبحانه { وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } قال : دمشق ، وقال أبو هريرة : هي الرملة ، قتادة وكعب : بيت المقدس ، قال كعب : وهي أقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلاً . ابن زيد : مصر ، الضحّاك : غوطة دمشق ، أبو العالية : إيليا وهي الأرض المقدسة ، ويعني بالقرار الأرض المستوية والساحة الواسعة ، والمعين : الماء الظاهر لعين الناظر ، وهو مفعول من عانه يعينه إذا أدركه البصر ورآه ، ويجوز أن يكون فعيلاً مَعَنَ يمعن فهو مَعين من الماعون . { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } يعني من الحلالات ، يعني : وقلنا لعيسى : كلوا من الطيبات ، وهذا كما يقال في الكلام للرجل الواحد : أيّها القوم كفّوا عنّا أذاكم ، ونظائرها في القرآن كثيرة . قال عمرو بن شريل : كان يأكل من غزل أُمّه ، وقال الحسن ومجاهد : المراد به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَـٰذِهِ } قرأه أهل الكوفة بكسر الألف على الابتداء ، وقرأ ابن عامر بفتح الألف وتخفيف النون جعل إنّ صلة مجازه : وهذه أُمتّكم ، وقرأ الباقون بفتح الألف وتشديد النون على معنى هذه ، ويجوز أن يكون نصباً بإضمار فعل ، أي واعلموا أنّ هذه { أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي ملّتكم ملّة واحدة وهي دين الإسلام . { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً } قرأه العامة بضم الباء يعنى كتباً ، جمع زبور بمعنى : دان كلّ فريق منهم بكتاب غير الكتاب الذي دان به الآخر ، قاله مجاهد وقتادة ، وقيل : معناه فتفرقوا دينهم بينهم كتباً أحدثوها يحتجون فيها لمذاهبهم ، قاله قتادة وابن زيد ، وقرأ أهل الشام بفتح الباء أي قطعاً وفرقاً كقطع الحديد ، قال الله سبحانه { آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ } [ الكهف : 96 ] . { كُلُّ حِزْبٍ } جماعة { بِمَا لَدَيْهِمْ } عندهم من الدين { فَرِحُونَ } معجبون مسرورون { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ } قال ابن عباس : كفرهم وضلالتهم ، ابن زيد : عماهم ، ربيع : غفلتهم { حَتَّىٰ حِينٍ } إلى وقت مجيء آجالهم . { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ } نعطيهم ونزيدهم { مِن مَّالٍ وَبَنِينَ } في الدنيا { نُسَارِعُ } نسابق { لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } ومجاز الآية : أيحسبون ذلك مسارعة لهم في الخيرات ، وقرأ عبد الرَّحْمن ابن أبي بكر : يُسارَع على مالم يسم فاعله ، والصواب قراءة العامة لقوله سبحانه { نُمِدُّهُمْ } . { بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } أنَّ ذلك استدراج لهم ، ثمَّ بيّن المسارعين الى الخيرات فقال عزَّ من قائل { إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ * وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ * وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ } يعطون ما أعطوا من الزكوات والصدقات ، هذه قراءة أهل الامصار وبه رسوم مصاحفهم . أخبرنا عبد الخالق بن علي قال : أخبرنا إسماعيل بن نجية قال : حدّثنا محمد بن عمار بن عطية قال : حدَّثنا أحمد بن يزيد الحلواني قال : حدّثنا خلاد عن إبراهيم بن الزبرقان عن محمد ابن حمّاد عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ { والذين يأتون ما آتوا من المجيء } " . وأخبرنا الحاكم أبو منصور حمد بن أحمد البورجاني قال : حدَّثنا علي بن أحمد بن موسى الفارسي قال : حدّثنا محمد بن الفضيل قال : حدّثنا أبو أُسامة قال : حدّثني ملك بن مغول قال : سمعت عبد الرَّحْمن بن سعيد الهمداني ذكر " أنّ عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } أهو الذي يزني ويشرب الخمر وهو على ذلك يخاف الله ؟ قال : " لا يا ابنة الصدّيق ولكن هو الذي يصوم ويصلي ويتصدق وهو على ذلك يخاف الله سبحانه " " .