Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 75-98)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ } قحط وجدب { لَّلَجُّواْ } لتمادوا { فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ } يعني القتل والجوع { فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ } خضعوا ، وأصله طلب السكون { وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } . قال ابن عباس : لما أتى ثمامة بن أثال الحنفي النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلّى سبيله فلحق باليمامة ، فحال بين أهل مكة وبين المسيرة من اليمامة وأخذ الله قريشاً بسنيّ الجدب حتى أكلوا العِلهز ، " فجاء أبو سفيان النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أُنشدك بالله والرحم أليس تزعم أنك بُعثت رحمة للعالمين ؟ فقال : بلى ، فقال : قد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع ، فأنزل الله سبحانه هذه الآية : { حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ } . " قال ابن عباس : يوم بدر ، وقال مجاهد : القحط ، وقيل : عذاب النار في الآخرة . { إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } متحيّرون ، آيسون من كلّ خير . { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنْشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ * وَهُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * بَلْ قَالُواْ مِثْلَ مَا قَالَ ٱلأَوَّلُونَ * قَالُوۤاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ } هذا الوعد { وَآبَآؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ } ووعد آباءنا من قبلنا قومٌ ذكروا أنّهم انبياء لله فلم يُرَ له حقيقة . { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ * قُل } يا محمد مجيباً لهم { لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } ولا بدَّ لهم من ذلك ، فقل لهم إذا أقرّوا بذلك { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } فتعلمون أنّ من قدر على خلق ذلك ابتداء فهو قادر على إحيائهم بعد موتهم ؟ . { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } . قرأه العامة : لله ، ومثله ما بعده فجعلوا الجواب على المعنى دون اللفظ كقول القائل للرجل : من مولاك ؟ فيقول : لفلان ، أي أنا لفلان وهو مولاي وأنشد : @ وأعلم أنّني سأكون رمساً إذا سار النواعج لا يسير فقال السائلون لمن حفرتم فقال المخبرون لهم وزير @@ فأجاب المخفوض بمرفوع لأن معنى الكلام : فقال السائلون : مَن الميّت ؟ فقال المخبرون : الميّت وزير ، فأجاب عن المعنى . وقال آخر : @ إذا قيل من ربّ المزالف والقرى وربّ الجياد الجرد قيل لخالد @@ وقال الأخفش : اللام زائدة يعني الله ، وقرأ أهل البصرة كلاهما الله بالألف ، وهو ظاهر لا يحتاج إلى التأويل ، وهو في مصاحف أهل الأمصار كلّها لله إلاّ في مصحف أهل البصرة فإنه الله الله ، فجرى كلٌّ على مصحفه ، ولم يختلفوا في الأول أنّه لله لأنّه مكتوب في جميع المصاحف بغير ألف وهو جواب مطابق للسؤال في { لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ } فجوابه لله . { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } الله فتطيعونه { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } ملكه وخزائنه { وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } يعني يؤمن من يشاء ولا يؤمن من أخافه { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } قال أهل المعاني : معناه أجيبوا إن كنتم تعلمون . { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } أي تُخدعون وتُصرفون عن توحيده وطاعته . { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ } الصدق { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ } فانفرد به لتغالبوا ، فعلا بعضهم على بعض وغلب القوىّ منهم الضعيف . { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } من الكذب { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } بالجر ، ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو على نعت الله ، غيرهم : بالرفع على الابتداء أو على معنى هو عالم . وروى رؤيس عن يعقوب أنّه كان إذا ابتدأ رفع وإذا وصل خفض . { فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ * قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } من العذاب { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } فلا تهلكني بهلاكهم ، والفاء في قوله { فَلاَ } جواب لأمّا لأنّه شرط وجزاء . { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ } من العذاب فجعلناه لهم ( لَقَادِرُونَ ) . { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } يعني بالخلّة التي هي أحسن { ٱلسَّيِّئَةَ } أَذاهم وجفاهم يقول : أعرض عن أذاهم واصفح عنهم ، نسختها آية القتال . { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } فنجزيهم به { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ } استجير بك { مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } أي نزغاتهم عن ابن عباس ، الحسن : وساوسهم ، مجاهد : نفخهم ونفثهم ، ابن زيد : خنقهم الناس . وقال أهل المعاني : يعني دفعهم بالإغواء إلى المعاصي ، والهمز : شدّة الدفع ، ومنه قيل للحرف الذي يخرج من هواء الفم للدفع همزة . { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } في شيء من أُموري .