Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 34-68)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقال فرعون { لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ * فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } وهو يوم الزينة . قال ابن عباس : وافق ذلك يوم السبت في أول يوم من السنة وهو يوم النيروز . وقال ابن زيد : وكان اجتماعهم للميقات بالإسكندرية ، ويقال : بلغ ذَنَب الحيّة من وراء البُحيرة يومئذ . { وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ } تنظرون الى ما يفعل الفريقان ولمن تكون الغلبة لموسى أو للسحرة ؟ { لَعَلَّنَا } لكي { نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ } موسى ، قيل : إنما قالوا ذلك على طريق الاستهزاء وأرادوا بالسحرة موسى وهارون وقومهما . { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ * فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ * فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ * قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُواْ لاَ ضَيْرَ } لا ضرر { إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ أَن } لأن { كُنَّآ أَوَّلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } من أهل زماننا { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ } يتبعكم فرعون وقومه . أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن لؤلؤ قال : أخبرنا الهيثم بن خلف قال : حدّثنا الدورقي عن حجاج بن جريح في هذه الآية قال : أوحى الله سبحانه الى موسى أن اجمع بني إسرائيل كل أربعة أهل أبيات في بيت ، ثم اذبحوا أولاد الضّأن فاضربوا بدمائها على أموالكم فإنّي سآمر الملائكة فلا تدخل بيتاً على بابه دم ، وسآمرها فتقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم وأموالهم ، ثم اخبزوا خبزاً فطيراً فإنه أسرع لكم ، ثم أسرِ بعبادي حتى ينتهي إلى البحر فيأتيك أمري ففعل ذلك ، فلمّا اصبحوا قال فرعون : هذا عمل موسى وقومه قتلوا أبكارنا من أنفسنا وأموالنا ، فأرسل في أمره ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسوّر مع كل ملك ألف ، وخرج فرعون في الكرسي العظيم . { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } يعني الشرط ليجمعوا السحرة وقال لهم : إن هؤلاء { لَشِرْذِمَةٌ } عصبة ، وشرذمة كل شيء بقيّته القليلة ، ومنه قول الراجز : @ جاء الشتاء وقميصي أخلاق شراذم يضحك منه التواق @@ قال ابن مسعود : كان هؤلاء الشرذمة ستّمائة وسبعون ألفاً . وأخبرنا أبو بكر الخرمي قال : أخبرنا أبو حامد الأعمش قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي قال : حدّثنا يحيى بن آدم قال : حدّثنا إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي في هذه الآية قال : كان أصحاب موسى ستّمائة ألف . { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } يعني أعداء ، لمخالفتهم ديننا وقتلهم أبكارنا وذهابهم بأموالنا التي استعاروها ، وخروجهم من أرضنا بغير اذن منّا . { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } قرأ النخعي والأسود بن يزيد وعبيد بن عمر وسائر قرّاء الكوفة وابن عامر والضحاك حاذرون بالألف وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس واختيار أبي عبيد ، وقرأ الآخرون حذرون بغير ألف وهما لغتان . وقال قوم : حاذرون : مؤدّون مقرّون ، شاكون في السلاح ، ذوو أرادة قوّة وكراع وحذرون : فَرِقون متيقظون ، وقال الفرّاء : كأن الحاذر الذي يحذرك ، والحذِر المخلوق حذر ألاّ يلقاه إلاّ حذراً ، والحذر اجتنابُ الشيء خوفاً منه . وقرأ شميط بن عجلان : حادرون بالدال غير معجمة ، قال الفرّاء : يعني عظاماً من كثرة الأسلحة ، ومنه قيل للعين العظيمة : حدرة وللمتورّم : حادر . قال امرؤ القيس : @ وعين لها حدرة بدرة وسقت مآقيها من أُخر @@ { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ } قال مجاهد : سمّاها كنوزاً لأنها لم تنفق في طاعة الله سبحانه { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } ومجلس حسن { كَذَلِكَ } كما وصفنا { وَأَوْرَثْنَاهَا } بهلاكهم { بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ } فلحقوهم في وقت إشراق الشمس وهو إضاءتها { فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ } أي تقابلا بحيث يرى كل فريق منهما صاحبه ، وكسر يحيى والأعمش وحمزة وخلف الراء تراءى الباقون بالفتح . { قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } لملحقون ، وقرأ الأعرج وعبيد بن عمير لمدّركون بتشديد الدال والاختيار قراءة العامة كقوله { حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ } [ يونس : 90 ] . { قَالَ } موسى ثقة بوعد اللّه { كَلاَّ } لا يدركونكم { إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } طريق النجاة { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } . أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين الضنجوي قال : أخبرنا محمد بن الحسين بن علي اليقطيني قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله العقيلي قال : حدّثنا صفوان بن صالح قال : حدّثنا الوليد قال : حدّثني محمد بن حمزة وعبد الله بن سلام أنّ موسى لمّا انتهى الى البحر قال : يا مَن قبل كلّ شيء ، والمكوّن لكلّ شيء ، والكائن بعد كلّ شيء ، اجعل لنا مخرجاً ، فأوحى الله سبحانه أن اضرب بعصاك البحر { فَٱنفَلَقَ } فانشقّ { فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ } فرقة أي قطعة من الماء { كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } كالجبل الضخم . قال ابن جريج وغيره : لما انتهى موسى الى البحر هاجت الريح ، والبحر يرمي موجاً مثل الجبال فقال له يوشع : يا مكلّم الله أين أُمرت فقد غشينا فرعون ، والبحر أمامنا ؟ قال موسى : ههنا فخاض يوشع الماء وحار البحر يتوارى حتى أقرّ دابته الماء ، وقال الذي يكتم إيمانه : يا مكلّم الله أين أُمرت ؟ قال : ههنا فكبح فرسه بلجامه حتى طار الزبد من شدقته ، ثم أقحمه البحر فارتسب الماء ، وذهب القوم يصنعون مثل ذلك فلم يقدرو ، فجعل موسى لا يدري كيف يصنع فأوحى الله سبحانه أن اضرب بعصاك البحر فضربه بعصاه فانفلق ، فإذا الرجل واقف على فرسه لم يبتل لبده ولا سرجه . { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } يعني قوم فرعون يقول قرّبناهم الى الهلاك وقدّمناهم الى البحر . { وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } فرعون وقومه { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } . قال مقاتل : لم يؤمن من أهل مصر غير آسية امرأة فرعون وخربيل المؤمن ومريم بنت موساء التي دلّت على عظام يوسف . { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } .