Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 46-55)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ } الجدال : فتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج فيه ، وأصله شدة الفتل ومنه قيل للصقر : أجدل لشدة فتل بدنه وقوة خلقه ، وقيل : الجدال من الجدالة وهو أن يروم كل واحد من الخصمين قهر صاحبه وصرعه على الجدالة وهي الأرض . { إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ألطف وأرفق ، وهو الجميل من القول والدعاء إلى الله والبينة على آيات الله وحججه . { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } قال مجاهد : يعني إن قالوا شراً فقولوا خيراً { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } أي أبوا أن يعطوا الجزية ونصبوا الحرب ، فأولئك انتصروا منهم وجادلوهم بالسيف حتى يسلموا أو يقرّوا بالجزية . قال سعيد بن جبير : هم أهل الحرب من لا عهد لهم فجادلوهم بالسيف . ابن زيد : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } بالإقامة على كفرهم بعد قيام الحجة عليهم . ومجاز الآية : إلاّ الذين ظلموكم لأنّ جميعهم ظالم . وقال قتادة ومقاتل : هذه الآية منسوخة بقوله : { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } [ التوبة : 29 ] … الآية . { وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، قال : أخبرني ابن أبي نملة الأنصاري : " إنّ أبا نملة أخبره واسمه ( عمّار ) إنّه بينما هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس جاءه رجل من اليهود ومر بجنازة . فقال : يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله أعلم " ، فقال اليهودي : إنّها تتكلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله ، فإن كان باطلا لم تصدقوهم وإن كان حقاً لم تكذبوهم » " . وروى أبو سلمة عن أبي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ، فيفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم " { وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } … الآية " . وروى سفيان ومسعود ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عطاء بن يسار قال : بينما رجل من أهل الكتاب يحدث أصحابه وهم يسبّحون كلما ذكر شيئاً من أمرهم ، قال : فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، فقال : " لا تصدقوهم ولا تكذبوهم ولكن { قولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم } " . { وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَكَذَلِكَ } أي وكما أنزلنا الكتاب عليهم . { أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } يعني مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه . { وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ } الذين هم بين ظهرانيك اليوم من يؤمن به { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } قال قتادة : إنّما يكون الجحود بعد المعرفة . { وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ } يا محمد { مِن قَبْلِهِ } أي من قبل هذا الكتاب الذي أنزلنا عليك { مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ } تكتبه { بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ } يعني : لو كنت تكتب أو تقرأ الكتب قبل الوحي إذاً لشك المبطلون أي المشركون من أهل مكة وقالوا : هذا شيء تعلّمه محمد وكتبه ، قاله قتادة . وقال مقاتل : { ٱلْمُبْطِلُونَ } هم اليهود ، ومعنى الآية : إذا لشكّوا فيك واتهموك يا محمد ، وقالوا : إنّ الذي نجد نعته في التوراة هو أمي لا يقرأ ولا يكتب . { بَلْ هُوَ } يعني القرآن { آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ } عن الحسن ، وقال ابن عباس وقتادة : بل هو يعني محمد صلى الله عليه وسلم والعلم بأنّه أمي { آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ } أهل العلم من أهل الكتاب يجدونها في كتبهم . ودليل هذا التأويل قراءة ابن مسعود وابن السميقع { بل هي آيات } . { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ * وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ } كما أنزل على الأنبياء قبلك ، قرأ ابن كثير والأعمش وحمزة والكسائي وخلف وأيوب وعاصم برواية أبي بكر { ءَايَةً } على الواحد ، الباقون { آيَاتٌ } بالجمع واختاره أبو عبيد لقوله : { قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ } حتى إذا شاء أرسلها ، وليست عندي ولا بيدي . { وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } هذا جواب لقولهم { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ } ، وروى حجاج ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جعدة " أنّ أناساً من المسلمين أتوا نبي الله ( عليه السلام ) بكتب قد كتبوها فيها بعض ما يقول اليهود فلما أن نظر فيها ألقاها ثم قال : " كفى بها حماقة قوم أو ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى ما جاء به غير نبيهم إلى قوم غيرهم " ، فنزلت { أو لم يكفهم } … الآية " . { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً } أني رسوله ، وأن هذا القرآن كتابه . { يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْبَاطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ * وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ } نزلت في النضر بن الحارث حين قال : فأمطر علينا حجارة من السماء وقال : عجل لنا قطنا . { وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى } في نزول العذاب ، وقال ابن عباس : يعني ما وعدتك أن لا أعذب قومك ولا أستأصلهم وأؤخر عذابهم إلى يوم القيامة ، بيانه قوله : { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } [ القمر : 46 ] … الآية ، وقال الضحاك : يعني مدة أعمارهم في الدنيا . وقيل : يوم بدر . { لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ } يعني العذاب وقيل : الأجل { بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } لا يبقى منهم أحد إلاّ دخلها ، وقيل : هو متصل بقوله : { يَوْمَ يَغْشَاهُمُ } يصيبهم { ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } يعني : إذا غشيهم العذاب أحاطت بهم جهنّم . { وَيِقُولُ } بالياء كوفي ونافع وأيوب ، غيرهم بالنون { ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .