Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 20-23)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ } عِبَرٌ وعظات إذا ساروا فيها . { آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } . { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ } أيضاً آيات { أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } . أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن جعفر بن الطيب الكلماباذي بقراءتي عليه ، قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص ، قال : حدّثنا السري بن خزيمة الآبيوردي ، قال : حدّثنا أبو نعيم ، قال : حدّثنا سفيان عن ابن جريج عن محمد بن المرتفع عن الزبير { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } ، قال : سبيل الغايط والبول ، وقال المسيب بن شريك : يأكل ويشرب من مكان واحد ، ويخرج من مكانين ، ولو شرب لبناً محضاً خرج ماء ، فتلك الآية في النفس . وقال أبو بكر الوراق : { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } يعني في تحويل الحالات وضعف القوة وقهر المنّة وعجز الأركاب وفسخ الصريمة ونقض العزيمة ، ثم أخبر سبحانه وتعالى أنّه وضع رزقك حيث لا يأكله السوس ولا يناله اللصوص ، فقال سبحانه : { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } يعني المطر والثلج اللذين بهما تخرج الأرض النبات الذي هو سبب الأقوات ، وقال بعض أهل المعاني : معناه : وفي المطر والنبات سبب رزقكم ، فسمّي المطر سماء ؛ لأنّه عن السماء ينزل ، قال الشاعر : @ إذا سقط السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا @@ وقال ابن كيسان : يعني وعلى ربّ السماء رزقكم { فِي } بمعنى ( على ) كقوله : { فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } [ طه : 71 ] ، وذكر الربّ مختصراً ، كقوله : { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] ، ونظيره قوله : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } [ هود : 6 ] . وأخبرني عقيل أنّ أبا الفرج أخبرهم عن ابن جرير ، قال : حدّثنا ابن حميد ، قال : حدّثنا هارون بن المعتز من أهل الري عن سفيان الثوري قال : قرأ واصل الأحدب هذه الآية : { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } فقال : ألا أرى رزقي في السماء ، وأنا أطلبه في الأرض ؟ فدخل خربة فمكث ثلاثاً لا يصيب شيئاً ، فلمّا أن كان اليوم الثالث إذا هو يرى جلّة من رطب ، وكان له أخ أحسن نيّة منه فدخل معه ( فصارتا جلّتين ) ، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرّق بينهما الموت . أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن خميس قال : حدّثنا ابن مجاهد قال : حدّثنا إبراهيم بن هاشم البغوي قال : حدّثنا ابن أبي بزّة ، قال : حدّثنا حسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد عن شبل بن عبّاد عن ابن ( أبي نجيح ) أنّه قرأ ( وفي السماء رازقكم وما توعدون ) بالألف يعني الله . قال مجاهد : { وَمَا تُوعَدُونَ } من خير أو شر ، وقال الضحاك { وَمَا تُوعَدُونَ } من الجنة والنار ، وأخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا موسى بن محمد قال : حدّثنا الحسن بن علويّة قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال : حدّثنا المسيب بن شريك قال : قال أبو بكر بن عبد الله : سمعت ابن سيرين يقول : { وَمَا تُوعَدُونَ } : الساعة . { فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ } يعني أن الذي ذكرت من أمر الرزق { لَحَقٌّ مِّثْلَ } بالرفع قرأه أهل الكوفة بدلا من ( الحق ) ، وغيرهم بالنصب أي كمثل . { مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } فتقولون : لا إله إلاّ الله ، وقيل : كما أنّكم ذوو نطق خصصتم بالقوة الناطقة العاقلة فتتكلمون ، هذا حق كما حق أنّ الآدمي ناطق ، وقال بعض الحكماء : كما أنّ كلّ انسان ينطق بلسان نفسه ، ولا يمكنه أن ينطق بلسان غيره ، فكذلك كلّ إنسان يأكل رزقه الذي قسم له ، ولا يقدر أن يأكل رزق غيره ، وقال الحسن في هذه الآية : بلغني أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قاتل الله أقواماً أقسم لهم ربّهم بنفسه فلم يصدّقوه " . حدّثنا أبو القاسم بن حبيب قال : أخبرنا أبو الحسن الكائيني وأبو الطيّب الخياط وأبو محمد يحيى بن منصور الحاكم في القسطنطينية قالوا : حدّثنا أبو رجاء محمد بن أحمد القاضي ، قال : حدّثنا أبو الفضل العباس بن الفرج الرياسي البصري ، قال : سمعت الأصمعي يقول : أقبلتُ ذات يوم من المسجد الجامع في البصرة فبينا أنا في بعض سككها إذ طلع أعرابي جلف جاف على قعود له متقلد سيفه وبيده قوس ، فدنا وسلّم وقال لي : مَن الرجل ؟ ، قلت : من بني الأصمع ، قال : أنت الاصمعي ؟ قلت : نعم ، قال : ومن أين أقبلت ؟ ، قلت من موضع مليء بكلام الرَّحْمن ، قال : وللرَّحْمن كلام يتلوه [ الآدمين ] . قلت : نعم ، قال : اتلُ عليّ شيئاً منه ، فقلت له : انزل عن قعودك . فنزل ، وابتدأت بسورة والذاريات ، فلمّا انتهيت إلى قوله سبحانه : { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } . قال : يا أصمعي هذا كلام الرَّحْمن ؟ ، قلت : أي والذي بعث محمداً بالحق ، إنّه لكلامه أنزله على نبيّه محمد ، فقال لي : حسبك ، ثم قام إلى الناقة فنحرها وقطعها كلّها ، وقال : أعنيّ على توزيعها ففرقناها على من أقبل وأدبر ، ثم عمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وجعلهما تحت الرمل وولّى مدبراً نحو البادية وهو يقول : { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } . فأقبلت على نفسي باللوم وقلت : لم تنتبهي لما انتبه له الأعرابي ، فلمّا حججت مع الرشيد دخلت مكة ، فبينا أنا أطوف بالكعبة إذ هتف بي هاتف بصوت دقيق فالتفتّ فإذا أنا بالأعرابي نحيلاً مصفاراً فسلّم عليّ وأخذ بيدي وأجلسني من وراء المقام وقال لي : اتل كلام الرَّحْمن ، فأخذت في سورة والذاريات ، فلمّا انتهيت الى قوله : { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } ، صاح الاعرابي فقال : وجدنا ما وعدنا ربنّا حقاً ، ثم قال : وهل غير هذا ؟ قلت : نعم يقول الله سبحانه { فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } ، فصاح الأعرابي وقال : يا سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف ؟ ، ألم يصدّقوه بقوله حتى ألجأوه إلى اليمين ؟ قالها ثلاثاً وخرجت فيها نفسه . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن شيبة ، قال : حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : حدّثنا أبو حاتم قال : حدّثنا شبانة ، قال حدّثنا صدقة ، قال حدّثنا الوضين بن عطاء عن زيد بن جرير أنّ رجلا جاع في مكان ليس فيه شيء ، فقال : اللّهم رزقك الذي وعدتني فأتني به ، قال : فشبع وروى من غير طعام ولا شراب . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن القاسم الخطيب . قال : حدّثنا إسماعيل بن العباس بن محمد الوراق ، قال : حدّثنا الحسين بن سعيد بن محمد المحرمي ، قال : حدّثنا علي ابن يزيد العبداني قال : حدّثنا فضيل بن مسروق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو أنّ أحدكم فرّ من رزقه لتبعه كما يتبعه الموت " وأنشدت في معناه : @ الرزق في القرب وفي البعد أطلَبُ للعبد من العبد لو قصّر الطالب في سعيه أتاه ما قدّر في قصد @@ وقال دعبل :