Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 36-40)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ليصرفوا عن دين الله الناس . قال سعيد بن جبير : وابن ابزى نزلت في أبي سفيان بن حرب استأجر يوم أُحد ألفين من [ الأحابيش ] يقاتل بهم النبيّ صلى الله عليه وسلم [ سوى ] من أشخاص من العرب . وفيهم يقول كعب بن مالك : @ فجينا إلى موج البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنع وفينا رسول الله نتبع قوله إذ قال فينا القول لاينقطع ثلاثة الألف ونحن نظنه ثلاث مئين أن كثرن فاربع @@ وقال الحكم بن عيينة : نزلت في أبي سفيان بن حرب حيث أنفق على المشركين يوم أُحُد أربعين أوقية وكانت أوقيته اثنين وأربعين مثقالاً . وقال ابن إسحاق عن رجاله : لما أُصيبت قريش من أصحاب القليب يوم بدر ، فرجع فِيَلهم إلى مكّة ورجع أبو سفيان ببعيره إلى مكّة [ مشى ] عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أميّة في رجال من قريش أُصيب أباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم [ بدر ] فكلّموا أبا سفيان بن حرب ومَنْ كانت له في تلك العير من قريش تجارة ، فقالوا : يا معشر قريش إن محمداً قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال الذي أفلت على حربه أملنا أن ندرك منه ثأراً بمن أُصيب منا ، ففعلوا فأنزل الله فيهم هذه الآية . وقال الضحاك : هم أهل بدر . وقال مقاتل والكلبي : نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلا : عتبه وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس وبنيه ومنبه ابنا الحجّاج البحتري بن هشام والنضر بن حارث وحكم بن حزام وأبي بن خلف ، وزمعة بن الأسود والحرث بن عامر ونوفل والعباس بن عبد المطلب كلهم من قريش ، وكان يطعم كل واحد منهم عشر جزر . قال الله { فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ } ولا يظفرون { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } منهم خصّ الكفّار لأجل مَنْ أسلم منهم { إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ ٱللَّهُ } بذلك الحشر { ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ } الكافر من المؤمن فيدخل الله المؤمن الجنان والكافر النيران . وقال الكلبي : يعني العمل الخبيث من العمل الطيب الصالح فيثيب على الأعمال الصالحة الجنّة ويثيب على الأعمال الخبيثة النار . قرأ أهل الكوفة والحسن وقتادة والأعمش وعيسى : { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ } بالتشديد . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم . وقال ابن زيد : يعني الإنفاق الطيب في سبيل الله من الإنفاق الخبيث في سبيل الشيطان فجعل نفقاتهم في قعر جهنم ثمّ يقال لهم : الحقوا بها . وقال مرّة الهمداني : يعني يميز المؤمن في علمه السابق الذي خلقه حين خلقه طيباً من الخبيث الكافر في علمه السابق الذي خلقه خبيثاً ، وذلك أنّهم كانوا على ملة الكفر فبعث الله الرسول بالكتاب ليميّز [ الله ] الخبيث من الطيب فمن [ أطاع ] استبان أنّه طيب ومن خالفه استبان أنّه خبيث { وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ } بعضه فوق بعض { فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } أي يجمعه حتّى يصيّره مثل السحاب الركام وهو المجتمع الكثيف { فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ } فوحد الخبر عنهم لتوحيد قول الله تعالى { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ } ثمّ قال { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } فجمع ، رده إلى أول الخبر ، يعني قوله : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ } { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } الذين غنيت صفقتهم وخسرت تجارتهم لأنّهم اشتروا بأموالهم عذاب الله في الآخرة { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } أبي سفيان وأصحابه { إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ } ان ينتهوا من الشرك وقال محمد : يغفر لهم { مَّا قَدْ سَلَفَ } من عملهم قبل الإسلام { وَإِنْ يَعُودُواْ } لقتال محمد صلى الله عليه وسلم { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ } في نصر الأنبياء والأولياء وهلاك الكفّار والأعداء مثل يوم بدر . قال الأستاذ الإمام أبو إسحاق : سمعت الحسن بن محمد بن الحسن يقول : سمعت أبي يقول : سمعت عليّ بن محمد الوراق يقول : سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول : إنّي لأرجو أنّ توحيداً لم يعجز عن هدم ما قبله من كفر لا يعجز عن هدم ما بعده من ذنب . وأنشدني أبو القاسم الحبيبي بذلك أنشدني أبو سعيد أحمد بن محمد الزيدي : @ يستوجب العفو الفتى إذا اعترف ثمّ انتهى عمّا أتاه واقترف @@ لقوله سبحانه [ في المعترف : ] { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } . { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } أي شرك ، وقال أبو العالية : بلاء ، وقال الربيع : حتّى لا يفتن مؤمن عن دينه { وَيَكُونَ الدِّينُ } التوحيد خالصاً { كُلُّهُ لله } عزّ وجلّ ليس فيه شرك ويخلع ما دونه من الأنداد . وقال قتادة : حتّى يقال : لا إله إلاّ الله ، عليها قاتل نبي الله وإليها دعا . وقيل : حتّى تكون الطاعة والعبادة لله خالصة دون غيره { فَإِنِ انْتَهَوْاْ } عن الكفر والقتال { فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِن تَوَلَّوْاْ } عن الإيمان وعادوا إلي فقال أهله { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ } ناصركم ومعينكم { نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } الناصر .