Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 19-23)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ } [ أي أهل سقاية ] . عن معاوية بن سلام عن زيد ابن أبي سلام عن النعمان بن بشير ، قال : كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل : ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد سقي الحاج ، قال الآخر : لا أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أعمر المسجد الحرام ، وقال الآخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم فزجرهم عمر وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله وهو يوم الجمعة ، ولكن إذا صليت دخلت واستفتيت رسول الله فيما اختلفتم فيه فقال : فأنزل الله { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } إلى قوله { ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } . وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس . قال : قال العباس بن عبد المطلب : لئن كنتم سبقتمونا بالهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد ونسقي الحاج ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، يعني : إن ذلك كان في الشرك ولا أقبل ما كان في الشرك . عطية العوفي قال : إن المشركين قالوا : إعمار بيت الله والقيام على السقاية خير ممّن آمن وجاهد ، وكانوا يفتخرون بالحرم من أجل أنهم أهله وعُمّاره ، فأنزل الله هذه الآية وأخبرهم أن عمارتهم المسجد الحرام وقيامهم على السقاية لاتنفعهم عند الله مع الشرك ، وأن الإيمان بالله والجهاد مع نبيّه خير مما هم عليه . الحسن والشعبي ومحمد بن كعب القرضي : نزلت في علي بن أبي طالب كرم الله وجهه والعباس بن عبد المطلب وطلحة بن شيبة ، وذلك أنهم أفتخروا فقال طلحة : إنّ البيت بيدي مفاتيحه ولو أشاء بتُّ فيه ، وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ولو أشاء بتُّ في المسجد ، وقال علي رضي الله عنه : لا أدري ما تقولون لقد صلّيت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقال ابن سيرين ومرّة الهمداني عن ابن عباس أن علياً قال للعباس : ألا تهاجر وتلحق بالنبي ؟ فقال : ألست في أفضل من الهجرة ؟ ألست أسقي حاج بيت الله واعمر المسجد الحرام ؟ فنزلت هذه الآية . وعندما أُمروا بالهجرة قال العباس : أنا أسقي الحاج ، وقال طلحة أخو بني عبد الدار : وأنا صاحب الكعبة فلا نهاجر . والسقاية مصدر كالرعاية والحماية ، قال الضحّاك : السقاية بضم السين وهي لغة . وفي معنى الآية وجهان أحدهما أن يجعل الكلام مختصراً تقديره : أجعلتم سقاية وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله وجهاد من جاهد في سبيل الله ، وهذا كما تقول : السخاء حاتم ، والشعر زهير وقال الشاعر : @ لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللحى ولكنما الفتيان كل فتى ندي @@ والوجه الآخر أن يجعل العمارة والسقاية بمعنى العامر والساقي تقديره : أجعلتم ساقي الحاج وعامر المسجد الحرام كقوله هدىً للمتقين ، يدلّ عليه قراءة عبدالله بن الزبير وأبي وجزة السعدي : أجعلتم سُقّاء الحاج وعُمّار المسجد الحرام على جمع الساقي والعامر { لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } قال الحسن : لما نزلت هذه الآية قال العباس : ما أراني إلا تارك سقايتنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أقيموا على سقايتكم فإن لكم فيها خيراً " وقال الحسن : وكانت السقاية نبيذ زبيب . { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ } من الذين افتخروا بعمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ } الناجون من النار { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ } دائم { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ } قال مجاهد : هذه الآية متصلة بما قبلها منزلة في قصة العباس وعلي قبل الهجرة ، قال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : لما أمر الله عزّوجل المؤمنين بالهجرة وكانت قبل فتح مكة ، من آمن ولم يكتمل إيمانه إلاّ بمجانبة الآباء والأقرباء إنْ كانوا كفاراً ، فقال المسلمون : يانبي الله إن نحن اعتزلنا من خالفنا في الدين قطعنا أباءنا وعشائرنا وذهبت تجارتنا وخُربت دارنا ، فأنزل الله هذه الآية . الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، قال : لمّا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالهجرة إلى المدينة جعل الرجل يقول لأبنه وأخيه وامرأته وقرابته : إنّا قد أُمرنا بالهجرة إلى المدينة فاخرجوا معنا إليها فمنهم من يعجبه ذلك ويسارع إليه ، ومنهم من أبى على صاحبه ( وتعلق به ) فيقول الرجل لهم : والله لئن ضمني وإياكم دار الهجرة فلا أنفعكم بشيء أبداً ولا أعطيكم ولا أُنفق عليكم ، ومنهم من تتعلق به زوجته وعياله وولده ويقولون : أُنشدك الله أن تضيعنا فيرق ( قلبه ) فيجلس ويدع الهجرة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقال مقاتل : نزلت في التسعة الذين ارتدّوا عن الإسلام فنهى الله عز وجل عن ولايتهم فأنزل الله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ } بطانة وأصدقاء فتفشون إليهم أسراركم ، ومن المقام بين أظهرهم على الهجرة إلى دار الإسلام . { إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ } فهم في صورة الإسلام وأهله و ( في ) المكث معهم على الهجرة والجهاد { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } العاصون الواضعون [ … ] في غير موضعها .