Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 26-26)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وكلمة { ٱلْحُسْنَىٰ } مثلها مثل قولنا : " امرأة فُضْلى " ونقول أيضاً : امرأة كبرى ، وهي أفعل تفضيل ، أي : مبالغة في الفضل . والمقصود بقوله سبحانه : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ } أي : بالغوا في أداء الحسنات ، والحسنة كما نعلم بعشرة أمثالها ، وهنا يقول الحق سبحانه : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } فما هذه الزيادة ؟ نقول : هي عطاء زائد في الحسنات ، فهناك " كادر " للجزاء بالحسنات ، يبدأ بعشرة أمثال الحسنة ويصل إلى سبعمائة ضعف ، أما السيئة فبواحدة . وهذا " الكادر " لا يحدد فضل الله تعالى ، بل الحق سبحانه يزيد من فضله مَنْ يشاء . ولذلك يجب ألا نفرق بين عدل الله سبحانه في أن الشيء يساوي الشيء ، وفضل الله تعالى في أن يجزى على الشيء الحسن بأضعاف أضعاف ما نتصور . والحق سبحانه يقول : { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } [ يونس : 58 ] . وقال قوم من العارفين بالله : إن الزيادة المقصودة هي في العشرة الأمثال والسبعمائة ضعف ، والفضل هو ما فوق ذلك . وهكذا تتعدد مراتب الجزاء : فهناك العشرة الأمثال ، والسبعمائة ضعف ، والحسنى ، والزيادة عن الحسنى ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك : " إذا دخل أهل الجنة الجنة قال : يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئاً أزيدكم . فيقولون : ألم تُبيِّض وجوهنا ؟ ألم تُدخلنا الجنة وتُنجِّنا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل " . ثم يقول الحق سبحانه : { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } أي : لا يغطي وجوههم غبار ، وهو سبحانه القائل : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [ القيامة : 22 - 23 ] . وهو سبحانه القائل : { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } [ عبس : 40 - 41 ] . وترهقها : أي تغطيها ، وقترة تعني : الغبار ، وهي مأخوذة من القُتار وهو الهواء الذي يمتلىء بدخان الدُّهْن المحترق من اللحم المشوي ، وقد تكون رائحته أخَّاذة ويسيل لها اللعاب ، ولكن مَنْ يوضع على وجهه هذا القتار يصنع له طبقة سوداء . ويقول الحق سبحانه : { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } [ يونس : 26 ] . لأنهم اتقوا الله سبحانه وأحبوا منهجه . ويقول الحق سبحانه : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ … } [ آل عمران : 106 ] . فليس المقصود هو لون الوجه في الدنيا لأنك قد تجد إنساناً أسود اللون لكنه بالإيمان قد أشرق وجهه ، وأحاطت ملامحه هالة من البهاء . وهناك من هو أبيض الوجه ولكنه من فرط معصية الله صار وجهه بلا نور . ويقول الحق سبحانه : { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ يونس : 26 ] . أي : أنهم ملازمون للجنة ملازمة الصاحب لصاحبه ، أو " أصحاب الجنة " أي : مَنْ يملكونها . يقول الحق سبحانه بعد ذلك : { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا … } .