Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 100-100)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقد أهلك الحق سبحانه تلك القرى بالعذاب لأنها كذَّبت أنبياءها . والخطاب موجَّه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتثبيت فؤاده ، والحق سبحانه إنما يبيِّن له أن الكافرين لن يكونوا بمنجىً من العذاب كما أخذ الله سبحانه الأمم السابقة الكافرة بالعذاب . وقول الحق سبحانه : { نَقُصُّهُ عَلَيْكَ … } [ هود : 100 ] . يتطلب أن نفرِّق بين المعنى الشائع عن القصة ، والمعنى الحقيقي لها ، فبعض الناس يقول : إن القرآن فيه قصص ، والقصص عادة تمتلىء بالتوسع ، وتوضع فيها أحداث خيالية من أجل الحبكة . ولهؤلاء نقول : أنتم لم تفهموا معنى كلمة " القصة " في اللغة العربية ، لأنها تعني - في لغتنا - الالتزام الحرفي بما كان فيها من أحداث ، فهي مأخوذة من كلمة : " قصّ الأثر " ، ومن يقص الأثر إنما يتتبع مواقع الأقدام إلى أن يصل إلى الشيء المراد . إذن : فقصص القرآن يتقصى الحقائق ولا يقول غيرها ، أما ما اصطُلح عليه في عرف العامة أنه قصص ، بما في تلك القصص من خيالات وعناصر مشوقة ، فهذا ما يُسمَّى - لغوياً - بالروايات ، ولا يُعتبر قصصاً . وقصص الإهلاك للأمم التي كفرت إنما هو عبرة لمن لا يعتبر ، والناس تعلم أن ما رواه القرآن من قصص هو واقع تدل عليه آثار الحضارات التي اندثرت ، وبقيت منها بقايا أحجار ونقوش على المقابر . ونحن نجد في آثار الحضارات السابقة ما هو قائم من بقايا أعمدة ونقوش ، ومنها ما هو مُحطَّم . ولذلك يقول الحق سبحانه في موضع آخر من القرآن : { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 137 - 138 ] . أي : أنكم تشاهدون من الآثار ما هو قائم وما هو حطيم . ويقول الحق سبحانه عن تلك القرى : { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ … } .