Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 68-68)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ومادة " غَنِيَ " … " غِنىً " ، أو " غَنَاءً " كلها متساوية لأن الغَنَاء هو الوجود وجود شيء يُغَنِي عن شيء ، فالغِنَى هو وجود مال يغنيك عن غيرك ، والغناء هو ما نسمعه من المُغَنِّين ، والأغنية التي يعجب الإنسان من كلماتها ولحنها ، فهو يقيم معها إقامة تطرد ما سواها مما سمع من الكلام على كثرة ما سمع أو قرأ ، والغَناء هو للإقامة . والحق سبحانه يقول : { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ … } [ يونس : 24 ] . أي : كأنها لم توجد من قبل . وهنا يقول الحق سبحانه : { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ … } [ هود : 68 ] . أي : لم يقيموا فيها ، لأنها صارت حصيداً . ثم يقول الحق سبحانه في نفس الآية : { أَلاَ إِنَّ ثَمُودَاْ كَفرُواْ رَبَّهُمْ … } [ هود : 68 ] ، وهذه هي حيثية العذاب الذي نزل بهم . وعادة ما تتعدى كلمة " كفر " بالباء ، ويقال : كفروا بربهم ، ولكن الحق سبحانه يقول هنا : { أَلاَ إِنَّ ثَمُودَاْ كَفرُواْ رَبَّهُمْ … } [ هود : 68 ] . والفارق كبير بين المعنيين ، فمعنى { كَفرُواْ رَبَّهُمْ } أي : ستروا وجوده ، فلا وجود له ، ولكن معنى " كفروا بربهم " هو اعتراف بالله الموجود ، لكنهم لم يؤمنوا به . وقول الحق سبحانه : { كَفرُواْ رَبَّهُمْ } يرد على الملاحدة الذين لا يقرون بوجود الله ، لأن ذنب إنكار وجود الله ليس بعده ذنب ، ولا يوجد ما هو أكثر منه في الذنوب . لذلك يقول الحق سبحانه : { … أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } [ هود : 68 ] . أي : أنهم يستحقون ما وقع عليهم من إهلاك وطرد من رحمة الله ، ولن يعطف عليهم أحد لضخامة ذنبهم . ويأتي الحق سبحانه في الآية التالية بقصة جديدة من قصص الأنبياء ، وهي جزء من قصة أبي الأنبياء إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، يقول سبحانه : { وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ … } .