Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 75-75)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إذن : فالعلة في الجدال أنه حليم لا يُعجِّل بالعقوبة ، وأوَّاه أي : يتأوه من القلب ، والتأوه رقة في القلب ، وإن كان التأوه من الأعلى فهذا يعني الخوف من ألا يكون قد أدى حق الله تعالى ، وإن كان التأوه للأقل فهو رحمة ورأفة . ولذلك فقد طلب إبراهيم عليه السلام من الله تعالى تأجيل العذاب لقوم لوط لعلهم يؤمنون ، وتأوُّههُ هنا لله تعالى ، وعلى هؤلاء الجهلة بما ينتظرهم من عذاب أليم . وقال الحق سبحانه في صفات إبراهيم أنه " منيب " أي : يرجع إلى الحكم وإلى الحق في قضاياه . ألم يَقُلْ الحق سبحانه في موضع آخر من كتابه العزيز : { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ … } [ التوبة : 114 ] . وبعد أن بحث إبراهيم عليه السلام عن الحق ، وأناب إليه ، يبين لنا الله سبحانه وتعالى مظهرية الإنابة في قوله تعالى : { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ … } [ التوبة : 114 ] . وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها والتي أوضحت تأوه إبراهيم لله عز وجل وتأوهه رحمة بهؤلاء الذين لم يؤمنوا ، وهم قوم لوط ، وأيضاً كانت حجة إبراهيم - عليه السلام - في الجدال ما قاله الحق سبحانه في سورة العنكبوت : { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤاْ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ * قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً … } [ العنكبوت : 31 - 32 ] . وكان سؤال إبراهيم للملائكة : كيف تُهلكون أهل هذه القرية وفيهم من هو يؤمن بالله وعلى رأسهم نبي من الله هو لوط عليه السلام ، وردت عليه الملائكة : { … نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } [ العنكبوت : 32 ] . وكأن إبراهيم خليل الرحمن يعلم أن وجود مؤمنين مع الكافرين في قرية واحدة ، يبيح له الجدال عن أهل القرية جميعاً . ويتلقى إبراهيم الرد هنا في سورة هود في الآية التالية : { يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ … } .