Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 90-90)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهكذا انتبهوا إلى شخصية يوسف وتعرَّفوا عليه ، وقالوا : { أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ … } [ يوسف : 90 ] . وجاء قولهم بأسلوب الاستفهام التقريريّ الذي أكّدوه بـ " إنْ " و " اللام " ، وقد قالوا ذلك بلهجة مُمتلئة بالفرح والتعجُّب بنجاحهم في التحسُّس الذي أوصاهم به أبوهم . فرد عليهم : { أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي … } [ يوسف : 90 ] . وبطبيعة الحال هم يعرفون أخَ يوسف " بنيامين " ، وجاء ذكْر يوسف له هنا دليلاً على أن بنيامين قد دخل معه في النعمة ، وأن الحق سبحانه قد أعزَّ الاثنين . ويجيء شُكْر يوسف لله على نعمته في قوله : { قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَِصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ يوسف : 90 ] . وجاء يوسف بهذا القول الذي يعرض القضية العامة التي تنفعهم كإخوة له ، وتنفع أيَّ سامع لها وكل مَنْ يتلوها ، وقد قالها يوسف عليه السلام بعد بيِّنة من واقع أحداث مرَّتْ به بَدْءً من الرُّؤيا إلى هذا الموقف . فهو كلام عليه دليل من واقع مُعَاش ، فقد مَنَّ الله على يوسف وأخيه مما ابْتُلِيا به واجتمعا من بعد الفُرْقة ، وعَلَّل يوسف ذلك بالقول : { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ … } [ يوسف : 90 ] . أي : مَنْ يجعل بينه وبين معصية الله وقاية ، ويخشى صفات الجلال ، ويتبع منهجه سبحانه ، ويصبر على ما أصابه ، ولا تفتُر هِمَّته عن عبادة الله طاعة ، ويتجنب كل المعاصي مهما زُيِّنَتْ له . فسبحانه وتعالى لا يُضيع أجر المحسنين الذين يتقونه ، وصاروا بتقواهم مُستحقِّين لرحمته ، وإحسانه في الدنيا والآخرة . ويأتي قول الحق سبحانه بعد ذلك ليحمل لنا ما قاله إخوة يوسف في هذا الموقف : { قَالُواْ تَٱللَّهِ … } .