Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 92-92)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والتثريب هو اللوم العنيف ، وهو مأخوذ من الثَّرْب فحين يذبحون ذبيحة ، ويُخرِجون أمعاءها يجدون حول الأمعاء دُهْناً كثيفاً هذا الدُّهْن يُسمَّى ثَرْب . أما إن كانت هزيلة ، ولم تتغذَّ جيداً ، فأمعاؤها تخرج وقد ذاب من عليه هذا الثَّرْب . والتثريب يعني : أن اللوم العنيف قد أذابَ الشحم من لحمه ، وجعل دمه ينزّ ، ويكاد أن يصل بالإنسان إلى أن ينزل به ويسلّه . وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا زنت أَمَةُ أحدكم فتبيَّن زناها فليجلدها الحدّ ، ولا يُثرِّب عليها ، ثم إن زنت فليجلدها الحد ، ولا يُثرِّب عليها ، ثم إنْ زنت الثالثة فتبيّن زِنَاها فَليبِعْها ، ولو بحبل من شعر " . أي : لا يقولن لها : يا مَنْ فعلت كذا وكذا ، بل فليعاقبها بالعقاب الذي أنزله الله لمثل هذه الجريمة فإن لم ترتدع عن الفعل فَلْيبِعْها ، وهكذا نفهم أن التثريب أو اللوم العنيف قد يُولِّد العِناد . وقال يوسف عليه السلام : { ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [ يوسف : 92 ] . ولقائل أن يتساءل : ولماذا قال يوسف ذلك وقد يكونون قد استغفروا الله من قبل ؟ ونقول : إن دعوة يوسف بالمغفرة لهم جاءت في حدود معرفته ولتصفية النفوس مما شابها بهذا اللقاء . وقوله : { وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [ يوسف : 92 ] . هو فَهْمٌ لحقيقة أن أيَّ رحمة في العالم ، أو من أي أحد إنما هي مُستمدَّة من رحمته سبحانه . وقد قال يوسف ذلك وهو واثق من إجابة دعوته ، لأنه قد غفر لهم خطأهم القديم وعَفَا عنهم والله أَوْلَى منه بالعفو عنهم . ثم يعود الحديث بينه وبينهم إلى والدهم ، فيقول الحق سبحانه ما جاء على لسان يوسف لإخوته ، وهو الذي عَلِم ما حدث لأبيه بعد فراقه له : { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي … } .