Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 86-86)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقد جاء سبحانه هنا بالاسم الذي خلق به من عَدَم ، وأمدَّ من عُدْم . وقيُّومية الربوبية هي التي تمدُّ كل الكون برزقه وترعاه فسبحانه هو الذي استدعى الإنسان إلى الكون ، وهو الذي يرعاه . وكلمة : { رَبَّكَ } [ الحجر : 86 ] . تُوحي بأنه إنْ أصابك شيءٌ بسبب دعوتك ، وبسبب كنود قومك أمامك وعدائهم لك ، فربُّكَ يا محمد لن يتركهم . والربُّ - كما نعلم - هو مَنْ يتولَّى تربية الشي إلى ما يعطيه مناط الكمال ، ولا يقتصر ذلك على الدنيا فقط ، ولكنه ينطبق على الدنيا والآخرة . وقوله : { ٱلْخَلاَّقُ } [ الحجر : 86 ] . مبالغة في الخَلْق ، وهي امتداد صفة الخَلْق في كل ما يمكن أنْ يخلق ، لأنه سبحانه هو الذي أعدَّ كل مادة يكون منها أيّ خَلْق ، وأعدّ العقل الذي يُفكِّر في أيِّ خلق ، وأعدَّ الطاقة التي تفعل ، وأعدَّ التفاعل بين الطاقة والمادة والعقل المُخطّط لذلك . وما يفعله الإنسان المخلوق هو التوليف بين ما خلقه الله من مواد ، وإنْ وُجِد خلاق من البشر فهو وحده سبحانه الذي يهب إنساناً ما أفكاراً لينفذها ، ثم يأتي مَنْ هو أذكى منه لِيُطوِّرها . ولذلك قال الحق سبحانه : { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } [ يوسف : 76 ] . وهكذا رأينا كل المخترعات البشرية تتطوّر والمثَل على ذلك هو آلة الحياكة التي صارت تعمل الآن آلياً بعد أن كانت المرأة تجلس عليها لِتكِدَّ في ضَبْطها ، وكذلك غسَّالة الملابس ، وغسالة الأطباق والسيارات والطائرات . ونلحظ أن كل ما خلقه الله يمكن أن يُستفاد من عادمه مثل رَوَث البهائم الذي يُستخدم كسماد ، أما عادم السيارات مثلاً فهو يُلوِّث الجو . وشاشة التلفزيون تُصدِر من الإشعاعات مَا يضر العين ، وتَمَّ بحْثُ ذلك لتلافي الآثار الجانبية في مثل تلك الأدوات التي يسهل الإنسان بها حياته . أما ما يخلقه الله فلا توجد له آثار جانبية فسبحانه ليس صاحب عِلْم مُكْتسب أو ممنوح بل العلم صفة ذاتية فيه . ويقول سبحانه من بعد ذلك : { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً … } .