Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 110-110)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فُتِنُواْ … } [ النحل : 110 ] . أي : ابتلوا وعُذِّبوا عذاباً أليماً لأنهم أسلموا . وقوله : { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ النحل : 110 ] . من رحمة الله تعالى أن يفتح باب التوبة لعبادة الذين أسرفوا على أنفسهم ، ومن رحمته أيضاً أن يقبل توبة مَنْ يتوب لأنه لو لم يفتح الله باب التوبة للمذنب ليئسَ من رحمة الله ، ولتحوَّل - وإن أذنب ولو ذنباً واحداً - إلى مجرم يشقَى به المجتمع ، فلم يَرَ أمامه بارقة أمل تدعوه إلى الصلاح ، ولا دافعاً يدفعه إلى الإقلاع . أما إذا رأى باب ربه مفتوحاً ليل نهار يقبل توبة التائب ، ويغفر ذنب المسيء ، كما جاء في الحديث الشريف : " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها " . بل ويزيده ربنا سبحانه وتعالى من فضله إنْ أحسن التوبة ، وندم على ما كان منه ، بأن يُبدِّل سيئاته حسناتٍ ، كما قال سبحانه : { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [ الفرقان : 70 ] . لو رأى المذنب ذلك كان أَدْعى لإصلاحه ، وأجْدَى في انتشاله من الوَهْدة التي تردَّى فيها . إذن : تشريع التوبة من الحق سبحانه رحمة ، وقبولها من المذنب رحمة أخرى لذلك قال سبحانه : { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ … } [ التوبة : 118 ] . أي : شرع لهم التوبة ودَلَّهم عليها ، ليتوبوا هم . فإنْ اغترَّ مُغْترٌّ برحمة الله وفضله فقال : سأعمل سيئات كثيرة حتى يُبدِّلها الله لي حسنات . نقول له : ومَنْ يدريك لعله لا تنطبق عليك شروط الذين يُبدّل الله سيئاتهم حسنات ، وهل تضمن أنْ يُمهِلك الأجل إلى أن تتوب ، وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة ؟ ثم يقول الحق سبحانه : { يَوْمَ تَأْتِي … } .