Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 24-24)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله الحق : { مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ … } [ النحل : 24 ] . يُوضِّح الاستدراك الذي أجراه الله على لسان المُتكلِّم ليعرفوا أن لهم رباً . ولو لم يكونوا مؤمنين بِرَبٍّ ، لأعلنوا ذلك ، ولكنهم من غفلتهم اعترضوا على الإنزال ، ولم يعترضوا على أن لهم رباً . وهذا دليل على إيمانهم بربٍّ خالق ولكنهم يعترضون على محمد صلى الله عليه وسلم وما أُنزِل إليه من الله . و : { قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ النحل : 24 ] . والأساطير : هي الأكاذيب ، ولو كانوا صادقين مع أنفسهم لَمَا أقرُّوا بالألوهية ، ورفضوا أيضاً القول المُنْزل إليهم . ومنهم من قال : { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } [ الفرقان : 5 ] . ولكن هناك جانب آخر كان له موقف مختلف سيأتي تبيانه من بعد ذلك ، وهم الجانب المُضَادّ لهؤلاء حيث يقول الحق سبحانه : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ … } [ النحل : 30 ] . ووراء ذلك قصة تُوضِّح جوانب الخلاف بين فريق مؤمن ، وفريق كافر . فحين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه وعشيرته إلى الإيمان بالله الواحد الذي أنزل عليه منهجاً في كتاب مُعجز ، بدأت أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتشر بين قبائل الجزيرة العربية كلها ، وأرسلت كُلَّ قبيلة وفداً منها لتتعرف وتستطلع مسألة هذا الرسول . ولكن كُفَّار قريش أرادوا أن يصدُّوا عن سبيل الله فقسَّموا أنفسهم على مداخل مكة الأربعة ، فإذا سألهم سائل من وفود القبائل " ماذا قال ربكم الذي أرسل لكم رسولاً ؟ " . هنا يرد عليهم قسم الكفار الذي يستقبلهم : " إنه رسول كاذب ، يُحرِّف ويُجدِّف " . والهدف طبعاً أنْ يصُدّ الكفار وفود القبائل . ويخبر الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بما حدث ، وإذا قيل للواقفين على أبواب مكة من الوفود التي جاءت تستطلع أخبار للرسول : ماذا أنزل ربُّكم ؟ يردُّون " إنه يُردِّد أساطير الأولين " . وهذا الجواب الواحد من الواقفين على أبواب مكة الأربعة يدلُّ على أنها إجابة مُتفق عليها ، وسبق الإعداد لها ، وقد أرادوا بذلك أنْ يَصرِفوا وفود القبائل عن الاستماع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فشبَّهوا الذِّكْر المُنزَّل من الله بمثل ما كان يرويه لهم - على سبيل المثال - النضر ابن الحارث من قصص القدماء التي تتشابه مع قصص عنترة ، وأبي زيد الهلالي التي تروى في قُرَانا . وهذه هي الموقعة الأولى في الأخذ والرد . ويُعقِّب الحق سبحانه على قولهم هذا : { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً … } .