Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 33-33)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بعد أن عرضتْ الآيات جزاء المتقين الذين قالوا خيراً ، عادتْ لهؤلاء الذين قالوا { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } الذين يُصادمون الدعوة إلى الله ، ويقفون منها موقف العداء والكَيْد والتربُّص والإيذاء . وهذا استفهام من الحق تبارك وتعالى لهؤلاء : ماذا تنتظرون ؟ ! بعدما فعلتم بأمر الدعوة وما صَدْدتُم الناس عنها ، ماذا تنتظرون ؟ أتنتظرون أنْ تَرَوْا بأعينكم ، ليس أمامكم إلا أمران : سيَحُلاَّن بكم لا محالة : إما أنْ تأتيكم الملائكة فتتوفاكم ، أو يأتي أمرُ ربِّك ، وهو يوم القيامة ولا ينجيكم منها إلا أنْ تؤمنوا ، أم أنكم تنتظرون خيْراً ؟ ! فلن يأتيكم خير أبداً … كما قال تعالى في آيات أخرى : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ … } [ النحل : 1 ] . وقال : { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ … } [ القمر : 1 ] . وقال : { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ … } [ الأنبياء : 1 ] . إذن : إنما ينتظرون أحداثاً تأتي لهم بشَرٍّ : تأتيهم الملائكة لقبْض أرواحهم في حالة هم بها ظالمون لأنفسهم ، ثم يُلْقون السَّلَم رَغْماً عنهم ، أو : تأتيهم الطامة الكبرى وهي القيامة . ثم يقول الحق سبحانه : { كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ … } [ النحل : 33 ] . أي : ممَّن كذَّب الرسل قبلهم … يعني هذه مسألة معروفة عنهم من قبل : { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ … } [ النحل : 33 ] . أي : وما ظلمهم الله حين قدَّر أنْ يُجازيهم بكذا وكذا ، وليس المراد هنا ظلمهم بالعذاب لأن العذاب لم يحُلّ بهم بعد . { وَلـٰكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ النحل : 33 ] . وهذا ما نُسمِّيه بالظلم الأحمق لأن ظلم الغير قد يعود على الظالم بنوع من النفع ، أما ظُلْم النفس فلا يعود عليها بشيء وذلك لأنهم أسرفوا على أنفسهم في الدنيا فيما يخالف منهج الله ، وبذلك فَوَّتوا على أنفسهم نعيم الدنيا ونعيم الآخرة ، وهذا هو ظلمهم لأنفسهم . ثم يقول الحق سبحانه : { فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ … } .