Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 65-65)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحق تبارك وتعالى في هذه الآية ينقلنا إلى آية مادية مُحسّة لا ينكرها أحد ، وهي إنزال المطر من السماء ، وإحياء الأرض الميتة بهذا المطر ليكون ذلك دليلاً محسوساً على قدرته تعالى ، وأنه مأمون على خَلْقه . وكأنه سبحانه يقول لهم : إذا كنتُ أنا أعطيكم كذا وكذا ، وأُوفّر لكم الأمر المادي الذي يفيد عنايتي بكم ، فإذا أنزلتُ لكم منهجاً ينفعكم ويُصلح أحوالكم فصدّقوه . فهذا دليل ماديّ مُحَسّ يُوصِّلهم إلى تصديق المنهج المعنوي الذي جاء على يد الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ … } [ الإسراء : 82 ] . وقوله : { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً … } [ النحل : 65 ] . هذه آية كونية مُحسَّة لا ينكرها أحد . ثم يقول : { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ } [ النحل : 65 ] . موت الأرض ، أي حالة كَونْها جدباء مُقفرة لا زرعَ فيها ولا نبات ، وهذا هو الهلاك بعينه بالنسبة لهم ، فإذا ما أجدبتْ الأرض استشرفوا لسحابة ، لغمامة ، وانتظروا منها المطر الذي يُحيي هذه الأرض الميتة … يُحييها بالنبات والعُشْب بعد أنْ كانت هامدة ميتة . فلو قبض ماء السماء عن الأرض لَمُتُّمْ جوعاً ، فخذوا من هذه الآية المحسَّة دليلاً على صدق الآية المعنوية التي هي منهج الله إليكم على يد رسوله صلى الله عليه وسلم ، فكما أمِنْتَنِي على الأولى فأْمَنِّي على الثانية . وقوله : { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [ النحل : 65 ] . مع أن هذه الآية تُرَى بالعين ولا تُسْمع ، قال القرآن : { لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [ النحل : 65 ] … لماذا ؟ قالوا : لأن الله سبحانه أتى بهذه الآية لِيلْفتَهم إلى المنهج الذي سيأتيهم على يد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا المنهج سَيُسمع من الرسول المبلّغ لمنهج الله . ومثال ذلك أيضاً في قوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } [ القصص : 71 ] . فالضياء يُرى لا يُسمع … لكنه قال : { أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } لأنه يتكلم عن الليل ، ووسيلة الإدراك في الليل هي السمع . ثم يقول الحق تبارك وتعالى : { وَإِنَّ لَكُمْ فِي … } .