Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 87-87)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
السَّلَم : أي الاستسلام … فقد انتهى وقت الاختيار ومضى زمن المهْلة ، تعمل أو لا تعمل . إنما الآن { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } ؟ الأمر والملك لله ، وما داموا لم يُسلِّموا طواعية واختياراً ، فَلْيُسلّموا له قَهْراً ورَغْماً عن أنوفهم . وهنا تتضح لنا مَيْزة من مَيْزات الإيمان ، فقد جعلني استسلم لله عز وجل مختاراً ، بدل أنْ استسلمَ قَهْراً يوم أنْ تتكشّف الحقيقة على أنه لا إله إلا الله ، وسوف يُواجهني سبحانه وتعالى في يوم لا اختيار لي فيه . وقوله : { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [ النحل : 87 ] . كلمة : الضلال تردُ بمعانٍ متعددة ، منها : ضلَّ أي غاب عنهم شفعاؤهم ، فأخذوا يبحثون عنهم فلَم يجدوهم ، ومن هذا المعنى قوله تعالى : { أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ … } [ السجدة : 10 ] . أي : يغيبوا في الأرض ، حيث تأكل الأرض ذرّاتهم ، وتُغيِّبهم في بطنها … وكذلك نقول : الضالة أي الدابة التي ضلَّتْ أي : غابتْ عن صاحبها . ومن معاني الضلال : النسيان ، ومنه قوله تعالى : { أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ … } [ البقرة : 282 ] . ومن معانيه : التردد ، كما في قوله تعالى : { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } [ الضحى : 7 ] . فلم يكُنْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهج ثم تركه وانصرف عنه وفارقه ، ثم هداه الله … بل كان صلى الله عليه وسلم مُتحيّراً مُتردّداً فيما عليه سادة القوم وأهل العقول الراجحة من أفعال تتنافى مع العقل السليم والفطرة النَّيرة ، فكانت حيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يراه من أفعال هؤلاء وهو لا يعرف حقيقتها . فقوله : { وَضَلَّ عَنْهُم … } [ النحل : 87 ] . أي : غاب عنهم : { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [ النحل : 87 ] . أي : يكذبون من ادعائهم آلهةً وشفعاءَ من دون الله . ثم يقول الحق سبحانه : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } .