Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 88-88)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هنا فرْق بين الكفر والصَّدِّ عن سبيل الله ، فالكفر ذنب ذاتيّ يتعلق بالإنسان نفسه ، لا يتعدّاه إلى غيره … فَاكفُرْ كما شئت والعياذ بالله أنت حر ! ! أما الصدُّ عن سبيل الله فذنبٌ مُتعدِّ ، يتعدَّى الإنسان إلى غيره ، حيث يدعو غيره إلى الكفر ، ويحمله عليه ويُزيّنه له … فالذنب هنا مضاعف ، ذنب لكفره في ذاته ، وذنب لصدّه غيره عن الإيمان ، لذلك يقول تعالى في آية أخرى : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ … } [ العنكبوت : 13 ] . فإنْ قال قائل : كيف وقد قال تعالى : { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ … } [ الأنعام : 164 ] . نقول : لا تعارضَ بين الآيتين ، فكل واحد سيحمل وزْره ، فالذي صَدَّ عن سبيل الله يحمل وِزْرَيْن ، أما مَنْ صدَّه عن سبيل الله فيحمل وِزْر كفره هو . وقوله : { زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ … } [ النحل : 88 ] . العذاب الأول على كفرهم ، وزِدْناهم عذاباً على كفر غيرهم مِمَّنْ صدُّوهم عن سبيل الله . ولذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " مَنْ سَنَّ سُنة حسنة فله أجرها وأجر مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة ، ومَنْ سَنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة " . فإياك أنْ تقعَ عليك عيْن المجتمع أو أُذنه وأنت في حال مخالفة لمنهج الله لأن هذه المخالفة ستؤثر في الآخرين ، وستكون سبباً في مخالفة أخرى بل مخالفات ، وسوف تحمل أنتَ قِسْطاً من هذا … فأنت مسكين تحمل سيئاتك وسيئات الآخرين . وقوله : { بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } [ النحل : 88 ] . والإفساد : أنْ تعمدَ إلى شيء صالح أو قريب من الصلاح فتُفسده ، ولو تركتَه وشأنه لربما يهتدي إلى منهج الله … إذن : أنت أفسدتَ الصالح ومنعت القابل للصلاح أن يُصلح . ثم يقول الحق تبارك وتعالى : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي … } .