Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 103-103)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَأَرَادَ } أي : فرعون . { أَن يَسْتَفِزَّهُم } كلمة " استفزَّ " سبق الكلام عنها في قوله تعالى : { وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ … } [ الإسراء : 64 ] فالاستفزاز هو الإزعاج بالصوت العالي ، يقوم المنَادَى ويخفّ من مكانه ، وهذا الصوت أو هذه الصَّيْحة يُخرجها الفارس أو اللاعب كما نرى في لعبة الكراتيه مثلاً لِيُزعِج الخصم ويُخيفه ، وأيضاً فإن هذه الصيحة تشغَل الخَصْم ، وتأخذ جزءاً من تفكيره ، فيقِلّ تركيزه ، فيمكن التغلُّب عليه . ومن الاستفزاز قَوْل أحدِنا لابنه المتكاسل : فِزْ . أي : انهض وخِفّ للقيام . إذن : المعنى : فأراد فرعون أنْ يستفزّهم ويخدعهم خديعة تُخرِجهم من الأرض ، فتخلو له من بعدهم ، وهذا دليلٌ على غباء فرعون وتغفيله وحماقته ، فما جاء موسى إلا ليأخذ بني إسرائيل ، كما جاء في قوله تعالى : { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 16 - 17 ] . فكأن غباء فرعون أعان القدر الذي جاء به موسى - عليه السلام - ولكن كان لله تعالى إرادة فوق إرادة فرعون ، فقد أراد أن يُخرج بني إسرائيل وتخلو له الأرض ، وأراد الحق سبحانه وتعالى أن يستفزّه هو من الأرض كلها ومن الدنيا ، فأغرقه الله تعالى وأخذه أَخْذَ عزيز مقتدر ، وعاجله قبل أنْ يُنفذ ما أراد . كما يقولون في الأمثال عند أهل الريف للذي هدَّد جاره بأنْ يحرق غلّته وهي في الجرن ، فإذا بالقدر يعالجه والغلة لسه فريك أي : يعاجله الموت قبل نُضْج الغلة التي هدد بحرقها ، فأغرقه الله ومَنْ معه جميعاً . ثم يقول الحق سبحانه : { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ … } .