Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 10-10)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذه الآية امتداد للآية السابقة ، ومعطوفة عليها لأن الله تعالى ذكر فعلاً واحداً : { وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ … } [ الإسراء : 9 ] . ثم عطف عليه : { وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ … } [ الإسراء : 10 ] . إذن : فالآية داخلة في البشارة السابقة ، ولكن كيف ذلك ، والبشارة السابقة تُبشّر المؤمنين بأن لهم أجراً كبيراً ، والبشارة إخبار بخيْر يأتي في المستقبل ، فكيف تكون البشارة بالعذاب ؟ قالوا : نعم ، هذه بشارة على سبيل التهكُّم والاستهزاء بهم ، كما قال تعالى في آية أخرى : { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ التوبة : 34 ] . وكما قال الحق سبحانه متهكماً : { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [ الدخان : 49 ] . وكما تقول للولد الذي أهمل فأخفق في الامتحان : مبروك عليك الفشل ، أو تقول : بشِّر فلاناً بالرسوب . وقد تكون البشارة للمؤمن بالجنة ، وللكافر بالعذاب ، كلاهما بشارة للمؤمن ، فبشارة المؤمن بالجنة تسرُّه وتُسعده ، وتجعله يستشرف ما ينتظره من نعيم الله في الآخرة . وبشارة الكافر بالعذاب تسُرُّ المؤمن لأنه لم يقع في مصيدة الكفر ، وتزجر مَنْ لم يقع فيه وتُخيفه ، وهذا رحمة به وإحسان إليه . وهذا المعنى واضح في قول الحق سبحانه في سورة الرحمن : { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَئَاتُ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 17 - 25 ] . فهذه كلها نِعَم من نعَم الله تعالى علينا ، فناسب أن تُذيَّل بقوله تعالى : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 18 ] . أما قوله تعالى : { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 35 - 36 ] . فأيُّ نعمة في أنْ يُرسل الله عليهما شواظ من نار ونحاس فلا ينتصران ؟ نعم ، المتأمل في هذه الآية يجد فيها نعمة من أعظم نِعَم الله ، ألا وهي زَجْر العاصي عن المعصية ، ومسرّة للطائع . ثم يقول الحق سبحانه عن طبيعة الإنسان البشرية : { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ … } .