Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 71-71)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : يوم القيامة ، والداعي هو المنادي ، والناس هم المدعوون ، والنداء على الناس في هذا اليوم لا يكون بفلان بن فلان ، بل ينادي القوم بإمامهم أي : برسولهم ، فيقال : يا أمة محمد ، يا أمة عيسى ، يا أمة موسى ، يا أمة إبراهيم . ثم يُفصّل هذا الإجمال ، فتُنادى كل جماعة بمَنْ بلَّغهم وهداهم ودَلَّهم ليُغري الناس بنقل الفضل العلمي من أنفسهم إلى غيرهم . وقال بعضهم { بِإِمَامِهِمْ } أي : بأمهاتهم ، وفي دعاء الناس بأمهاتهم في هذا الموقف تكريم لعيسى عليه السلام أولاً ، وسَتْر على أولاد الإثم ثانياً ، حتى لا يُفضحوا على رؤوس الأشهاد في مثل هذا الموقف . ثم يقول تعالى : { فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } [ الإسراء : 71 ] . فكوْنه أخذ كتابه بيمينه ، فهذه بشارة الخير وبداية السلامة ، فإذا به يسارع إلى قراءته ، بل ويتباهى به بين الناس قائلاً : { هَآؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ } [ الحاقة : 19 ] إنه مسرور بعمله الصالح الذي يحب أنْ يطلع عليه الناس ، وقوله تعالى : { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } [ الإسراء : 71 ] . الظلم أنْ تأخذ من خير غيرك مما ليس عندك ، إذن : فعندك نقص في شيء تريد أنْ تحصل عليه ظلماً ، إذن : فماذا ينقص الحق سبحانه وتعالى حتى يظلم الخَلْق ؟ ! إن الخلق يتصفون بالظلم لأن الإنسان عادةً لا يرضى بما قسم الله له لذلك يشعر بالنقص فيظلم غيره ، أما الله عز وجل فهو الغني عن الخَلْق ، فكيف يظلمهم ؟ وهم جميعاً بما يملكون هِبة منه سبحانه . ومعنى { فَتِيلاًْ } عادةً يضرب الحق سبحانه وتعالى الأمثال في القرآن بالمألوف عند العرب وفي بيئتهم ، ومن مألوفات العرب التمر ، وهو غذاؤهم المفضّل والعَلف لماشيتهم ، ومن التمر أخذ القرآن النقير والقطمير والفتيل ، وهي ثلاثة أشياء تجدها في نواة الثمرة ، وقد استخدمها القرآن في تمثيل الشيء الضئيل القليل . فالنقير : هو تجويف صغير في ظهر النواة مثل النقطة . والقطمير : هو اللفافة الرقيقة الشفافة بين الثمرة والنواة . والفتيل : هو غلالة رقيقة تشبه الخيط في بطن النواة . فمعنى : { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } [ الإسراء : 71 ] أي : أنه سبحانه وتعالى لا يظلم الناس أبداً ، فهو سبحانه مُنزَّه عن الظلم مهما تناهى في الصِّغَر . وفي مقابل مَنْ أوتي كتابه بيمينه لم تذكر الآية مَنْ أُوتي كتابه بشماله ، كما جاء في قوله تعالى : { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ } [ الحاقة : 25 ] وفي آية أخرى قال : { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } [ الانشقاق : 10 ] . أما هنا فقال الحق سبحانه : { وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ … } .