Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 75-75)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذاً } أي : لو كِدتَ تركن إليهم شيئاً قليلاً لأذقناك ضِعْف الحياة وضِعْف الممات ، وبهذا التهديد يرفع الحق سبحانه سخيمة الكُرْه من صدور القوم لمحمد ، وينقلها له سبحانه وتعالى . ومعنى { ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ … } [ الإسراء : 75 ] الضعْف : مضاعفة الشيء مرة أخرى . أي : قَدْر الشيء مرتين ، ولا يُذاق في الحياة إلا العذاب ، فالمراد : لأذقناك ضِعْف عذاب الحياة وضِعْف عذاب الممات ، لكن لماذا يُضَاعَف العذاب في حَقِّ محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : لأنه أُسْوة كبيرة وقُدْوة يقتدي الناس بها ، ويستحيل في حقِّه هذا الفعل ، ولا يتصور منه صلى الله عليه وسلم ، لكن على اعتبار أن ذلك حدث منه فسوف يُضاعَف له العذاب ، كما قال تعالى في نساء النبي : { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } [ الأحزاب : 30 ] . ذلك لأنهن بيت النبوة وأمهات المؤمنين ، وهنَّ أُسْوة لغيرهنّ من نساء المسلمين ، وكلما ارتفع مقام الإنسان في مركز الدعوة إلى الله وجب عليه أنْ يتبرأ عن الشبهة لأنه سيكون أُسْوة فعل ، فإنْ ضَلَّ فلن يضل في ذاته فقط ، بل سيضل معه غيره ، ومن هنا شدَّد الله العقوبة وضاعفها للنبي ولزوجاته . وقد اختار الحق سبحانه لفظ { لأذَقْنَاكَ } لأن الإذاقة من الذَّوْق ، وهو أعمّ الملكَات شُيوعاً في النفس ، فأنت ترى بعينك وتسمع بأذنك وتشمُّ بأنفك ، لكن المذاق تشترك فيه كل الملكات . ثم يقول تعالى : { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } [ الإسراء : 75 ] . أي : لا تجد مدافعاً يدافع عنك أو ناصراً ينصرك لأن مددَك مني وحدي ، فكيف يكون لك ناصر من دوني ؟ ثم يقول الحق سبحانه : { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا … } .