Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 77-77)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يُوضِّح الحق تبارك وتعالى أن ما حدث هو سُنة من سُنن الله في الرسل ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [ الصافات : 171 - 173 ] . فكان عليهم أنْ يأخذوا عِبْرة من الرسل السابقين ، وبما حلَّ بأعدائهم من عذاب الله ، لقد أرسل الله الرسل فكُذِّبوا وعُودوا واضطهِدُوا ، ومع ذلك نصرهم الله ، وجعل لهم الغَلبة . والسُّنة : هي العادة والطريقة التي لا تتخلَّف ولا تتبدَّل لذلك يقول بعدها : { وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } [ الإسراء : 77 ] لأن السُّنة لا تتحوّل ولا تتبدّل إلا بالأقوى الذي يأتي ليُغير السنة بأخرى من عنده ، فإذا كانت السُّنة من الله القوي بل الأقوى ، فهو سبحانه وحده الذي يملك هذا التحويل ، ولا يستطيع أحد أبداً تحويل سنة الله ، فإذا قال سبحانه ، فقوله الحق الذي لا يُبدِّله أحد ، ولا يُعارضه أحد . وبعد أن تكلَّم الحق سبحانه عن الإلهيات إيماناً بها ، وعن النبوات تصديقاً لها ، وعن القيامة ووجوب الإيمان بها وبما يحدث فيها من تناول الكتب ، أراد سبحانه أنْ يأتي لنا بثمرة هذا المنهج وحصيلته النهائية ، وهي أنْ يستقيمَ لنا منهج الحياة وتنضبط حركتنا فيها . هذا المنهج الإلهي جاء في صورة أحكام ، ولهذه الأحكام أركان أساسية جمعها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " بُنِيَ الإسلامُ على خَمْس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً " . إذن : هذه الأركان التي بُنِي عليها الإسلام ، لكن ما حَظُّ المسلم من هذه الأركان ؟ لو تأملت لوجدتنَا نشترك كلنا في شهادة أنْ لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وفي الصلاة لأنها لا تسقط عن أحد لأيّ سبب ، وهي المكرَّرة في اليوم خمس مرات . أما باقي الأركان وهي : الزكاة ، والصوم ، والحج فقد لا تنطبق شروطها على الجميع ، فالفقير لا تُفرض عليه زكاة أو حج ، والمريض لا يُفرض عليه الصوم . إذن : عندنا أركان للإسلام وأركان للمسلم التي هي : الشهادتان والصلاة ، وقد يدخل فيها الزكاة أو الصوم أو الحج ، فإذا أتى المسلم بجميع الأركان فقد اتفقتْ أركان الإسلام مع أركان المسلم . وتلاحظ في هذه الأركان أن الشهادتين يكفي أن تقولهما وتشهد بهما ولو مرة واحدة ، والزكاة والصوم والحج قد لا تنطبق عليك شروطها ، فلم يَبْقَ إلا الصلاة لذلك جعلها عماد الدين . ثم قال تعالى : { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ … } .