Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 97-97)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سبق أنْ قُلْنا : إن الهداية نوعان : هداية الدلالة المطلقة والتي تكون لجميع الخلق المؤمن والكافر ، فقد دَلَّ الله المؤمن والكافر على الطريق المستقيم وبيَّنه لهم وأرشدهم إليه . والأخرى : هداية التوفيق والمعونة للقيام بمطلوبات المنهج الذي آمنوا به ، وهذه خاصّة بالمؤمن ، فبعد أنْ دَلَّه الله آمن وصدَّق واعترف لله تعالى بالفضل والجميل ، بأن أنزل له منهجاً ينظم حياته . فأتحفه الله تعالى بهداية التوفيق والمعونة . وعن الهداية يقول الحق سبحانه : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ … } [ فصلت : 17 ] . أي : دَلَلْناهم على الطريق المستقيم ، لكنهم استحبُّوا العمى والضلال على الهدى ، فمنع الله عنهم معونته وتوفيقه . والحق سبحانه يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم بأسلوبين قرآنيين يوضِّحان هذيْن النوعيْن من الهداية ، يقول تعالى : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ … } [ القصص : 56 ] . فنفى عن رسول الله هداية التوفيق والمعونة لأنه صلى الله عليه وسلم لا يملكها ، وفي آية أخرى قال تعالى : { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الشورى : 52 ] . فأثبتَ له هداية البيان والدلالة لأن هذه هي مهمته كمبلِّغ عن الله ، وهكذا أثبتَ له الحدث ونفاه عنه لأن الجهة مُنفكَّة أي : أن جهة الإثبات غير جهة النفي ، كما في قوله تعالى : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا … } [ الروم : 6 - 7 ] . فمرة : نفَى عنهم العلم ، ومرة أخرى : أثبتَ لهم العلم . والمراد أنهم لا يعلمون حقائق الأمور ، ولكنهم يعلمون العلوم السطحية الظاهرة منها . ونحن نكرّر مثل هذه القضايا لكي تستقرّ في النفس الإنسانية ، وفي مواجيد المتدينين فينتفعوا بها . ومن ذلك أيضاً قول الحق سبحانه : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ … } [ الأنفال : 17 ] . فأثبت للرسول رَمْياً ، ونفى عنه رَمْياً ، لكن إذا جاء هذا الكلام من بليغ حكيم فاعلم أن الجهة مُنفكّة لأن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر أخذ حَفْنة من التراب ورمى بها نحو أعدائه ، وهذا هو الرّمْي الذي أثبتته الآية ، وقد تولَّتْ القدرة الإلهية إيصال ذرات هذه الحفنة إلى عيون الأعداء ، فأصابتهم جميعاً وشغلتْهم عن القتال ، وهذا هو الرَّمْي الذي نفاه الحق عن رسوله صلى الله عليه وسلم . ولتقريب هذه المسألة : ابنك الذي تحمله على المذاكرة وتُرغمه عليها يأتي بالكتب ويضعها أمامه ويُقلِّب فيها ليوهمك أنه يذاكر ، فإذا ما راجعت معه ما ذاكر لا تجدْه حصَّل شيئاً فتقول له : ذاكرتَ وما ذاكرت ، فتُثبِت له الحدث مرة ، وتنفيه عنه أخرى لأنه ذاكر شكلاً ، ولم يذاكر موضوعاً . إذن : فالحق سبحانه وتعالى يهدي الجميع هداية إرشاد وبيان ودلالة ، ويختص مَنْ آمن بهداية المعونة والتوفيق للقيام بمقتضيات المنهج ، كما قال تعالى : { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } [ محمد : 17 ] . وقال عن الآخرين : { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [ الصف : 7 ] لكن يهدي العادلين . وقال : { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } [ الصف : 5 ] … لكن يهدي الطائعين . وقال : { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } [ البقرة : 264 ] … لكن يهدي المؤمنين . إذن : بيَّن الحق سبحانه في أساليب القرآن مَنْ شاء هدايته ، أما مَنْ آثر الكفر وصمم ألاَّ يؤمن فهو وشأنه ، بل ويزيده الله من الكفر ويختم على قلبه ، كما قال تعالى : { وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الأنعام : 110 ] . نعود إلى { مَن } في قوله تعالى : { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ … } [ الإسراء : 97 ] قلنا : إن مَن اسم موصول بمعنى الذي ، واستخدام مَن كاسم موصول لا يقتصر على الذي فقط ، بل تستخدم لجميع الأسماء الموصولة : الذي ، التي ، اللذان ، اللتان ، الذين ، اللاتي . فتقول : مَنْ جاءك فأكرِمْه ، ومَنْ جاءتك فأكرمْها ، ومَنْ جاءاك فأكرمهما ، ومَنْ جاءتاك فأكرمهما ، ومَنْ جاءوك فأكرمهم ، ومَنْ جِئْنَكَ فأكرمْهُن . فهذه ستة أساليب تؤديها مَن فهي - إذن - صالحة للمذكّر وللمؤنّث وللمفرد وللمثنى وللجمع ، وعليك أن تلاحظ مَنْ في الآية : { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ … } [ الإسراء : 97 ] جاءت مَنْ دالَّة على المفرد المذكر ، وهي في نفس الوقت دالّة على المثنى والجمع المذكر والمؤنث ، فنقول : مَنْ يهدِهَا الله فهي المهتدية ، ومَنْ يهدهم الله فهم المهتدون . وهكذا . ونسأل : لماذا جاءت مَنْ دالة على المفرد المذكر بالذات دون غيره في مجال الهدى ، أما في الضلال فجاءتْ مَنْ دالَّة على الجمع المذكّر ؟ نقول : لأنه لاحظ لفظ مَنْ فأفرد الأولى ، ولاحظ ما تطلق عليه من فجمع الثانية : { وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ … } [ الإسراء : 97 ] . وهنا مَلْحظ دقيق يجب تدبُّره : في الاهتداء جاء الأسلوب بصيغة المفرد : { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ … } [ الإسراء : 97 ] لأن للاهتداء سبيلاً واحداً لا غير ، هو منهج الله تعالى وصراطه المستقيم ، فللهداية طريق واحد أوضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " . أما في الضلال ، فجاء الأسلوب بصيغة الجمع : { فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ … } [ الإسراء : 97 ] لأن طرق الضلال متعددة ومناهجه مختلفة ، فللضلال ألف طريق ، وهذا واضح في قول الحق سبحانه : { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ … } [ الأنعام : 153 ] . والنبي صلى الله عليه وسلم حينما قرأ هذه الآية خَطَّ للصحابة خَطّاً مُسْتقيماً ، وخَطَّ حوله خطوطاً مُتعرّجة ، ثم أشار إلى الخط المستقيم وقال : " هذا ما أنا عليه وأصحابي " . إذن : الهداية طريق واحد ، وللضلال أَلْف مذهب ، وألف منهج لذلك لو نظرتَ إلى أهل الضلال لوجدتَ لهم في ضلالهم مذاهب ، ولكل واحد منهم هواه الخاص في الضلال . فعليك أنْ تقرأ هذه الآية بوعي وتأمُّل وفَهْم لمراد المتكلّم سبحانه ، فلو قرأها غافل لَقال : فلن تجد له أولياء من دونه ، ولأتبع الثانية الأولى . ومن هنا تتضح توقيفية القرآن ، حيث دقة الأداء الإلهي التي وضعتْ كُلَّ حَرْف في موضعه . وقوله : { أَوْلِيَآءَ } أي : نُصَراء ومعاونين ومُعينين { مِن دُونِه } أي : من بعده { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ … } [ الإسراء : 97 ] . الحشْر : القيام من القبور والجمع للحساب { عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } هنا تعجب بعض الصحابة ، فسألوا رسول الله : وكيف يسير الإنسان على وجهه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يُمشيهم على وجوههم " . وما العجب في ذلك ونحن نرى مخلوقات الله : { فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ … } [ النور : 45 ] . ألم تَرَ الثعبان ، كيف هو سريع في مِشْيته ، خفيف في حركته ، فالذي خلق قادر أن يُمشِيَ من ضَلَّ في القيامة على بطنه ، لأن المسألة إرادة مريد لِيُوقع بهم غاية الذِّلَّة والهوان ، ويا ليتهم تنتهي بهم المهانة والمذلّة عند هذا الحدِّ ، بل : { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً … } [ الإسراء : 97 ] . هذا استطراق لوسائل الإهانة ، ففضلاً عن مَشْيهم على الوجوه فهم عُمْي لا يروْنَ شيئاً ، ولا يهتدون ، وهم صُمٌّ لا يسمعون نداءً ، وهم بُكْمٌ لا يقدرون على الكلام ، ولك أنْ تتصوَّر إنساناً جمعت عليه كل هذه الوسائل ليس في يوم عادي ، بل في يوم البعث والنشور ، فإذا به يُفَاجأ بهْول البعث ، وقد سُدَّت عليه جميع منافذ الإدراك ، فهو في قلب هذا الهَوْل والضجيج ، ولكنه حائر لا يدري شيئاً ، ولا يدرك ما يحدث من حوله . ولنا هنا لفتة على هذه الآية ، فقد ورد في القرآن كثيراً : صُمٌّ بُكْم بهذا الترتيب إلا في هذه الآية جاءت هكذا : { وَبُكْماً وَصُمّاً } ومعلوم أن الصَّمَم يسبق البَكَم لأن الإنسان يحكي ما سمعه ، فإذا لم يسمع شيئاً لا يستطيع الكلام ، واللغة بنت السماع ، وهي ظاهرة اجتماعية ليستْ جنساً وليست دَمَاً . وسبق أنْ قُلْنا : إن الولد الإنجليزي إذا تربَّى في بيئة عربية يتكلم بالعربية والعكس لأن اللغة ليست جنساً ، بل ظاهرة اجتماعية تقوم على السماع ، فما تسمعه الأذن يحكيه اللسان . حتى العربي نفسه الذي يعيش في بيئة عربية ، إلا أنه لم يسمع هذه الألفاظ الغريبة المتقعِّرة لا يستطيع محاكاتها ولا يعرف معناها . لكن في هذه الآية جاء البكَم أولاً ، لماذا ؟ لأنه ساعة يُفاجأ بهوْلِ البعث والحشر كان المفروض أن يسأل أولاً عَمَّا يحدث ، ثم يسمع بعد ذلك إجابة على ما هو فيه ، لكنه فُوجئ بالبعث وأهواله ، ولم يستطع حتى الاستفسار عَمَّا حوله ، وهكذا سبق البكَم الصَّمَم في هذا الموقف . وهنا أيضاً اعتراض لبعض المستشرقين ومَنْ يُجارونهم مِمَّنْ أسلموا بألسنتهم ، ولم تطمئن قلوبهم لنور الله ، يقولون : القرآن يقول : { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً . . } [ الإسراء : 97 ] فينفي عنهم الرؤية ، وفي آيات أخرى يقول : { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ … } [ مريم : 75 ] . { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا … } [ الكهف : 53 ] . فأثبت لهم الرؤية ، فكيف نجمع بين هذه الآيات ؟ والمتأمل في حال هؤلاء المعذَّبين في موقف البعث يجد أن العمى كان ساعة البعث ، حيث قاموا من قبورهم عُمْياً لِيتحققَ لهم الإذلال والحيرة والارتباك ، ثم بعد ذلك يعودون إلى توازنهم ويعود إليهم بصرهم ليشاهدوا به ألوان العذاب الخاصة بهم ، وهكذا جمع الله عليهم الذل في الحاليْن : حال العمى وحال البصر . لذلك يقول تعالى : { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ ق : 22 ] . ثم يقول تعالى : { مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } [ الإسراء : 97 ] مأواهم : أي : مصيرهم ونهايتهم . خَبَتْ : خبت النار . أي : ضَعُفَت أو انطفأتْ ، لكن ما دام المراد من النار التعذيب ، فلماذا تخبو النار أو تنطفئ ؟ أليس في ذلك راحة لهم من العذاب ؟ المتأمل في الآية يجد أن خفوت النار وانطفاءها هو في حَدِّ ذاته لَوْنٌ من العذاب لأن استدامة الشيء يُوطِّن صاحبه عليه ، واستدامة العذاب واستمراره يجعلهم في إِلْف له ، فإنْ خَبتِ النار أو هدأتْ فترةً فإنهم سيظنون أن المسألة انتهت ، ثم يُفاجئهم العذاب من جديد ، فهذا أنكَى لهم وآلم في تعذيبهم . وهذا يُسمُّونه في البلاغة " اليأس بعد الإطماع " ، كما جاء في قول الشاعر : @ فَأصْبَحْتُ مِنْ لَيْلَى الغَداةَ كَقَابِضٍ عَلَى المَاء خَانَتْهُ فُرُوجُ الأَصَابِع @@ وفي السجون والمعتقلات يحدث مثل هذا ، فترى السجين يشتد به العطش إلى حَدٍّ لا يطيقه ، فيصيح بالحارس ويتحنن إليه ويرجوه كوباً من الماء ، فيأتي له بكوب الماء حتى يكون على شَفَتَيْه ، ويطمع في أنْ يبلّ ريقه ويطفئ غُلَّته ، فإذا بالحارس يسكبه على الأرض ، وهذا أنكى وأشدّ في التعذيب . وقد عبر الشاعر عن هذا المعنى بقوله : @ كَمَا أبرقَتْ قَوْمَاً عِطَاشاً غَمَامَةٌ فَلَمَّا رَجَوْهَا أقْشَعَتْ وتَجلَّتِ @@ أي : ساعة أَنْ رأوْهَا ، واستشرفوا فيها الماء إذا بها تنقشع وتتلاشى ، وتُخيِّب رجاءهم فيها . وكذلك من ألوان العذاب التي قد يظنُّها البعض لَوْناً من الراحة في جهنم والعياذ بالله ، أن الله تعالى يُبَدِّل جلودهم بجلود أخرى جديدة ، لا رحمةً بهم بل نكايةً فيهم ، كما قال تعالى : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ … } [ النساء : 56 ] . لأن الجلود إذا نضجتْ وتفحَّمت امتنع الحِسُّ ، وبالتالي امتنعتْ إذاقة العذاب ، إذن : العلة من تبديل الجلود تجديد الحسِّ ليذوقوا العذاب إذاقةً مستديمة . ومنذ عهد قريب كانوا يظنون أن الحسَّ يأتي من المخ ، إلا أنهم لاحظوا على الإنسان إحساساً قبل أن يصل شيء للمخ . فمثلاً : لو أشرت بأصبعك إلى عين إنسان تراه يُغمِض عينه قبل أنْ تلمسه ، وفسَّروا ذلك بما يسمونه العكس في النخاع الشوكي ، ثم توالت البحوث للتعرف على مناط الحسِّ في الإنسان أيْن هي ؟ إلى أن انتهت تلك الأبحاث إلى ما أخبر به القرآن منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان ، من أن الجلد هو مركز الإحساس في الإنسان ، بدليل أنك إذا أخذتَ حقنة مثلاً ، فبمجرد أن تخترق طبقة الجلد لا تشعر بألمها . فمن أين عرف العرب هذه النظريات العلمية الدقيقة ؟ ومَنْ أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ إنه لَوْنٌ من ألوان الإعجاز القرآني للعرب ولغيرهم . ثم يقول الحق سبحانه : { ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا … } .