Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 37-37)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هنا يردُّ عليه صاحبه المؤمن مُحَاوراً ومُجادلاً ليجُلِّيَ له وَجْه الصواب : { أَكَفَرْتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ … } [ الكهف : 37 ] أي : كلامك السابق أنا أنا ، وما أنت فيه من استعلاء وإنكار ، أتذكر هذا كله ولا تذكر بدايتك ومنشأك من تراب الذي هو أصل خَلْقك { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ … } [ الكهف : 37 ] وهي أصل التناسل { ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } [ الكهف : 37 ] أي : كاملاً مُسْتوياً ملو هدومك . و { سَوَّاكَ … } [ الكهف : 37 ] التسوية : هي إعداد الشيء إعداداً يناسب مهمته في الحياة ، وقلنا : إن العود الحديد السَّويّ مستقيم ، والخطاف في نهايته أعوج ، والاعوجاج في الخطاف هو عَيْن استقامته واستواء مهمته لأن مهمته أن نخطف به الشيء ، ولو كان الخطاف هذا مستقيماً لما أدَّى مهمته المرادة . والهمزة في { أَكَفَرْتَ … } [ الكهف : 37 ] ليست للاستفهام ، بل هي استنكار لما يقوله صاحبه ، وما بدر منه من كُفْر ونسيان لحقيقة أمره وبداية خَلْقه . والتراب هو أَصْل الإنسان ، وهو أيضاً مرحلة من مراحل خَلْقه لأن الله تعالى ذكر في خلق الإنسان مرة { مِّن مَّآءٍ } [ السجدة : 8 ] ومرة { مِن تُرَابٍ } [ آل عمران : 59 ] ، [ الروم : 20 ] ومرة { مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 26 ] ومرة { مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } [ الرحمن : 14 ] . لذلك يعترض البعض على هذه الأشياء المختلفة في خَلْق الإنسان ، والحقيقة أنها شيء واحد ، له مراحل متعددة انتقالية ، فإنْ أضفْتَ الماء للتراب صار طيناً ، فإذا ما خلطْتَ الطين بعضه ببعض صار حمأ مسنوناً ، فإذا تركته حتى يجفّ ويتماسك صار صَلْصَالاً ، إذن : فهي مرحليات لشيء واحد . ثم يقول الحق سبحانه أن هذا المؤمن قال : { لَّٰكِنَّاْ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي … } .