Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 78-78)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ } أي : العبد الصالح { هَـٰذَا } أي : ما حدث منك من قولك : { لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } [ الكهف : 77 ] وقد سبق أن اشترط موسى - عليه السلام - على نفسه إن اعترض على معلمه هذه المرة يكون الفِراقُ بينهما ، وكأن العبد الصالح لم يَأْتِ بشيء من عنده ، لقد قال موسى : { إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي } [ الكهف : 76 ] وها هو يسأله ، إذن : فليس إلا الفراق : { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ … } [ الكهف : 78 ] . قوله : { هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ … } [ الكهف : 78 ] تُعد دُستوراً من الحق - سبحانه وتعالى - ودليلاً على أن هذين المذهبين لا يلتقيان ، فيظل كل منهما له طريقه : المرتاض له طريقه ، وغير المرتاض له طريقه ، ولا ينبغي أن يعترض أحدهما على الآخر ، بل يلزم أدبه في حدود ما علَّمه الله . ثم يقول تعالى على لسان الخضر : { سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } [ الكهف : 78 ] أي : لن أتركك وفي نفسك هذه التساؤلات ، حتى لا يكون في نفسك مني شيء ، سوف أخبرك بحقيقة هذه الأفعال التي اعترضْتَ عليها لتعلم أن الله لم يخدعْكَ ، بل أرسلك إلى مَنْ يُعلّمك شيئاً لم تكُنْ تعلمه . ثم أخذ العبد الصالح يكشف لموسى الحكمة من هذه الأفعال واحداً تِلْو الآخر ، كما لو عتبَ عليك صاحبك في أمر ما ، وأنت حريص على مودَّته فتقول له : أمهلني حتى أوضح لك ما حدث ، لقد فعلتُ كذا من أجل كذا ، لتريح قلبه وتُزيل ما التبس عليه من هذا الأمر . وقالوا : إن هذا من أدب الصُّحْبة ، فلا يجوز بعد المصاحبة أنْ نفترقَ على الخلاف ، ينبغي أن نفترق على وِفَاق ورضا لأن الافتراق على الخلاف يُنمِّي الفجوة ويدعو للقطيعة ، إذن : فقبل أنْ نفترق : المسألة كيت وكيت ، فتتضح الأمور وتصفو النفوس . ثم يقول الحق سبحانه : { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ … } .