Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 80-80)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الغلام : الولد الذي لم يبلغ الحُلُم وسِنّ التكليف ، وما دام لم يُكلَّف فما يزال في سِنِّ الطهارة والبراءة من المعاصي لذلك لما اعترض موسى على قتله قال : { أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً … } [ الكهف : 74 ] أي : طاهرة ، ولا شكَّ أن أخْذ الغلام في هذه السِّنِّ خَيْر له ومصلحة قبل أنْ تلوّثه المعاصي ، ويدخل دائرة الحساب . إذن : فطهارته هي التي دعتْنَا إلى التعجيل بأخذه . هذا عن الغلام ، فماذا عن أبيه وأمه ؟ يقول تعالى : { فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ … } [ الكهف : 80 ] وكثيراً ما يكون الأولاد فتنة للآباء ، كما قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ … } [ التغابن : 14 ] . والفتنة بالأولاد تأتي من حِرْص الآباء عليهم ، والسعي إلى جعلهم في أحسن حال ، وربما كانت الإمكانات غير كافية ، فيُضطر الأب إلى الحرام من أجل أولاده . وقد عَلِم الحق - سبحانه وتعالى - أن هذا الغلام سيكون فتنة لأبويه ، وهما مؤمنان ولم يُرِد الله تعالى لهما الفتنة ، وقضى أن يقبضهما إليه على حال الإيمان . وكأن قضاء الله جاء خيراً للغلام وخيراً للوالدين ، وجميلاً أُسْدِي إلى كليْهما ، وحكمة بالغة تستتر وراء الحدَث الظاهر الذي اعترض عليه موسى عليه السلام . لذلك يُعَدُّ من الغباء إذا مات لدينا الطفل أو الغلام الصغير أَنْ يشتد الحزن عليه ، وننعى طفولته التي ضاعتْ وشبابه الذي لم يتمتع به ، ونحن لا ندري ما أُعِدَّ له من النعيم ، لا ندري أن مَنْ أُخِذ من أولادنا قبل البلوغ لا يُحدَّد له مسكن في الجنة ، لأنها جميعاً له ، يجري فيها كما يشاء ، ويجلس فيها أين أحب ، يجلس عند الأنبياء وعند الصحابة ، لا يعترضه أحد ، لذلك يُسمَّوْن " دعاميص الجنة " . ثم يقول تعالى : { فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } [ الكهف : 80 ] . خشينا : خِفْنا . فالواحد منا يولد له ابن فيكون قرة عَيْن وسنداً ، وقد يكون هذا الابن سبباً في فساد دين أبيه ، ويحمله على الكذب والرشوة والسرقة ، فهذا الابن يقود أباه إلى الجحيم ، ومن الخير أن يبعد الله هذا الولد من طريق الوالد فلا يطغى .