Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 61-61)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { جَنَّاتِ عَدْنٍ … } [ مريم : 61 ] أي : إقامة دائمة لانك قد تجد في الدنيا جنات ، وتجد أسباب النعيم ، لكنه نعيم زائل ، إمّا أنْ تتركه أو يتركك . إذن : فكُلُّ نعيم الدنيا لا ضامنَ له . وجنات عَدْن ليست هي مساكن أهل الجنة ، بل هي بساتين عمومية يتمتع بها الجميع ، بدليل أن الله تعالى عطف عليها في آية أخرى وَمَسَاكِنَ طَيِّبةً في قوله تعالى : { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ … } [ التوبة : 72 ] . وقوله : { ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ … } [ مريم : 61 ] والوعْد : إخبار بخير قبل أوانه ليشجع الموعود على العمل لينالَ هذا الخير ، وضِدّه الوعيد : إخبار بشَرٍّ قبل أوانه ليحذره المتوعد ، ويتفادى الوقوع في أسبابه . واختبار هنا اسم الرحمن ليُطمئِنَ الذين أسرفوا على أنفسهم بالمعاصي أن ربهم رحمن رحيم ، إنْ تابوا إليه قبلهم ، وإنْ وعدهم وَعْداً وَفَى . وقد وعدنا الله تعالى في قرآن فآمنّا بوَعده غيْباً { وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ … } [ مريم : 61 ] . وحجة الإيمان بالغيب فيما لم يوجد بعد المشهد الذي نراه الآن ، فالكون الذي نشاهده قد خُلِق على هيئة مُهندسةٍ هندسةً لا يوجد أبدعُ منها ، فالذي خلق لنا هذا الكون العجيب المتناسق إذا أخبرنا عن نعيم آخر دائم في الآخرة ، فلا بُدَّ أن نُصدِّق ، ونأخذ من المشاهدَ لنا دليلاً على ما غاب عَنَّا لذلك نؤمن بالآخرة إيماناً غيبياً ثقةً مِنَّا في قدرته تعالى التي رأينا طَرَفاً منها في الدنيا . ثم يقول تعالى : { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } [ مريم : 61 ] فما دام الرحمن - تبارك وتعالى - هو الذي وعد ، فلا بُدَّ أن يكون وعدُه مَأْتِياً أي : مُحقّقاً وواقعاً لا شَكَّ فيه ، ووعْده تعالى لا يتخلَّف و مَأْتِياً أى نأتيه نحن ، فهي اسم مفعول . وبعض العلماء يرى أن مَأتِياً بمعنى آتياً ، فجاء باسم المفعول ، وأراد اسم الفاعل ، لكن المعنى هنا واضح لا يحتاج إلى هذا التأويل لأن وعد الله تعالى مُحقَّق ، والموعود به ثابت في مكانه ، والماهر هو الذي يسعى إليه ويسلك طريقه بالعمل الصالح حتى يصل إليه . ثم يقول الحق سبحانه عن أهل الجنة في الجنة : { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً … } .